تخاريف السينما الأمريكية في فيلم «جمهورية ناصر»
قبل أن يُسدل الستار على فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بأيام قليلة، حدث دوي هائل حين عُرض الفيلم الوثائقي الأمريكي «جمهورية ناصر» للمخرجة ميشال غولدمان ضمن برنامج البانوراما الدولية، الذي سبق وعرض فيلماً آخر عن الجالية الأرمينية في مصر بعنوان «نحن المصريون الأرمن»، وهو ما يعد تفتيشا في الأوراق التاريخية القديمة له بالقطع، أسبابه ودوافعه الخاصة لدى صُناع هذه النوعية من الأفلام التي تلتبس فيها الرؤى، حيث لا تكون فيها الخطوط والأبعاد واضحة كل الوضوح وإنما تختلط فيها الآراء ويأتي تناولها على خلفيات كثيرة من بينها على سبيل المثال، حرية التعبير وحقوق الإنسان والمسألة الديمقراطية وكلها شماعات تعلق عليها جهات الإنتاج المعاني والأهداف الظاهرة، فيما تترجم الأفلام بتفاصيلها ما وراء القصد فتكون النتيجة ردود أفعال غاضبة حيال ما أوردته الصور ووشت به الرؤى السينمائية.
الفيلم الأكثر تأثيراً هو «جمهورية ناصر» حيث أحدث صدمة لمشاهديه إلى حد إعلان الاحتجاج الصريح عليه وعلى المخرجة ومحاولة منع إقامة الندوة المعتادة لمناقشته على ضوء الاختلاف مع وجهة النظر المطروحة فيه، إذ يقدم قراءة سياسية غير موضوعية في 80 دقيقة عن تاريخ جمال عبد الناصر، وفترة حكمه واصفاً إياها بالفترة العصيبة باعتبارها سببت أزمات سياسية وفرضت انقلاب 23 يوليو/تموز الذي أيده الشعب، وهو نفي لحيثيات ثورة يوليو برؤية سياسية أمريكية مقتضبة تجنح كل الجنوح إلى التأكيد على معنى الانقلاب دون الإشارة إلى الواقع الذي سبق مرحلة يوليو وأدى إلى انفجار حركة يوليو ممثلة في الجيش ثم تحولها إلى ثورة مكتملة الأركان دعمها الشعب وباركها أيما مباركة.
هذه هي القراءة الأولية والمبدئية للفيلم بشكل مباشر ودون مواربة بما يُفضي إلى حالة من التزييف التاريخي بانتزاع الأحداث من سياقها، حتى أن الشهادات التي وردت في إطار القراءة التحليلية لعدد من السياسيين المرموقين تم اجتزاؤها لتصب في الاتجاه نفسه، غير أن هناك تركيزا مبالغا فيه على إشكالية غياب الديمقراطية وانتفائها نهائياً في فترة حكم ناصر، بتجاوز كل الإنجازات السياسية والاجتماعية والثقافية، وهي إنجازات كفيلة بدحض هذا الاتهام أو على الأقل التخفيف من وطأته، إذ لم يكن غير القمع والديكتاتورية ومصادرة الحريات عناوين رئيسية لمرحلة عبد الناصر السياسية لتوصف الجمهورية العربية المتحدة بجمهورية ناصر، للدلالة على انغلاقها واقتصارها على شخصه فقط.
لقد أغفلت المخرجة ميشال غولدمان عن عمد العمق الاستراتيجي لدولة ناصر وجمهوريته حسب تسميتها، فلم تُشر إلى حركات التحرر الواسعة التي ساندها ودعمها، ليس سعياً للزعامة ولكن حفاظاً على دولته، بل اكتفت ببلورة الرؤية الأمريكية التقليدية والتاريخية عن الزعيم العربي والأفريقي لتقدم الصورة الشريرة للشباب الأمريكي الذي استهدفته بفيلمها، كما تقول، كي يرى ناصر ذلك الظالم المستبد فتؤكد مزاعمها بأنه كان وراء كراهية الشعوب العربية لأمريكا المسالمة الطيبة.
لقد قدمت المخرجة حالة مراوغة بعرضها الصور التسجيلية لدلائل التضامن الشعبي مع عبد الناصر كي تمرر الفكرة العدائية الكامنة في التفاصيل وتسخر على جانب آخر من جموع الجماهير التي التفت حوله، ولتوثيق ما تقوله وما تدعيه ولإثبات حيادها وهو أمر غير صحيح وغير منطقي اتكأت على بعض ما ورد في شهادات السياسيين من آراء ناقدة للمرحلة السياسية الناصرية التي وصفها معارضوه بالشمولية دون أن ينفوا عنه كشخص وطنيته أو يوصموه بالكراهية، كما صدرت هي في مضمون رسالتها المغرضة، غير أنني أظن كل الظن أن أغلبهم لم يقرأ سيناريو الفيلم كاملاً، وأكاد أجزم أنهم بالكاد قرأوا الفكرة أو المعالجة فحسب، ومن ثم عبروا عن وجهة نظرهم بحسن نية بغير تخوين. وإعمالاً بمبدأ الليبرالية وضعوا المرحلة الناصرية محل النقد وهم لا يفطنون للإطار الذي ستوضع فيه هذه الشهادات فلا يعقل أن تتورط قامات سياسية وفكرية كبرى في حجم حسين أمين أو جوده عبد الخالق أو غيرهما في عمل فني وثائقي ينال من شخصية عبد الناصر مهما كانت درجة خلافهم معه وعليه، وإذا كان يحق لمن تحدث وأدلى بشهادته أن يقول ما يشاء في فيلم مصري فلا يجوز أن تطبق القاعدة نفسها على فيلم أمريكي وصفته جريدة «المساء» المصرية الحكومية المصرية الرسمية بأنه فضيحة عقب عرضة بالبانوراما الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الثامنة والثلاثين المرتبكة شكلاً وموضوعاً والخارجة عن سياق الضبط والربط.
ناقد مصري
كمال القاضي
الغرض هو الامعان في تجريد العرب من كل رموزهم حتى لا يبقى لهم شيء و اغلب الظن ان الكاتبه التي من اسمها اغلب الظن يهوديه صهيونيه لا يهمها عبد الناصر و لا تفهم تأثيره في أجيال الامه العربيه و يجب عدم الإصغاء اليها و طبعا حرية التعبير موجوده و لكن أيضا حرية إلقاء النفايات في الزباله لأن الغرض هنا ليس الإنتقاد و لكن إلحاق الأذى