الدّبّابة الأرجوحة / علي نصوح مواسي
(تصميم: إسلام الصّانع)
إنّ الرّمزيّة المكثّفة الّتي يقدّمها هذا المشهد تختصر بجماليّةٍ فريدةٍ معاني الثّورة، وبدائل الثّورة، وأحلام الثّائرين ..
قد يمرّ كثيرون سريعًا أمام هذا المشهد شبه العجائبيّ أو السّورياليّ، دون وقوفٍ طويل، ودون اكتراثٍ كبير، ودون تأمّلٍ عميق، في ظلّ فوضى التّلقّي العارمة الّتي تجتاحنا.. ولكن تأنّوا قليلًا.. تفكّروا قليلًا.. لحظة: “دبّابة.. أرجوحة.. غناء..”
أن تتحوّل الدّبابة إلى أرجوحةٍ في يوم عيد: هل من رمزيّةٍ أكبر وأعظم من هذا؟! هل من خيالٍ أكثر إبداعًا؟! هل من حلمٍ أسمى وأكبر؟!
إن كان نعم.. فأين؟! في أيّ منتجٍ بشريّ؟! في أيّ نصٍّ سيميائيّ أنتجته القريحة الانسانيّة الجماعيّة؟!
قليلةٌ، بل نادرةٌ، هي المشاهد الّتي صاغها البشرُ على هذا النّحو؛ هناك منتجاتٌ ابداعيّة أظهرت بندقيّةً تخرج من فوّهتها وردةٌ مثلًا، سيفٌ حدّه ذائب، فأسٌ مقطوعة الرّأس، صاروخٌ تحوّل إلى مزهريّة.. أدواتُ حربٍ وقتالٍ تحوّلت، في الأمنية فقط، إلى أدواتِ حرثٍ وزرعٍ كما جاء في النّصّ التّوراتيّ..
أمّا ثنائيّة “الدّبّابة – الأرجوحة” في يومِ عيد، فهذا منتجٌ سوريٌّ ريفيٌّ أصيلٌ.. أصيلٌ.. أصيل..
منتجٌ جماعيٌّ حيٌّ فاعلٌ ناطق، لا جامدٌ صامتٌ تحبسه الصّفحاتُ أو الجدرانُ أو الشّاشاتْ..
هذه هي الثّورة.. هذا هو معناها الشّكلُ الّذي بدأت عليه، والّذي أراد لها الطّاغية ومستغلّو أنانيّة الطّاغية أن تنحرف عنه.. ولكنّها تأبى على ما يبدو إلّا أن تُظْهِرَ نفسها كما أحبّها محبّوها.. ثورة النّاس.. والنّاس فقط..
هي ثورة النّاس الحقيقيّة لأنّ ثورةً كهذه فقط مَنْ يمكنها أن تحوّل دبّابة طاغيةٍ دمّرت كلّ أشكال وألوانِ الالعابِ إلى لعبةٍ يمرح بها أطفالُ “تلبيسة” بسلام.. وإن كان مؤقّتًا ربّما..
نعم.. هذه هي ثورتنا..