إصدارات جديدة للهيئة العربية للمسرح.. دراسات ونصوص وترجمات
الرباط «القدس العربي»:
«تحولات البنية الدرامية في مسرح يوسف العاني» ل عامر المرزوك
تحرص الهيئة العربية للمسرح على رفد المكتبة العربية بإصدارات جديدة إثراء لحركة التأليف المسرحي العربي، وتتوزع تلك الإصدارات ما بين الدراسات والأوتوبيوغرافيا والنصوص المسرحية والترجمات، فتكون بذلك متاحة للباحثين والدارسين العرب خلال مختلف التظاهرات المسرحية، بالإضافة إلى عرضها خلال معارض الكتاب، علاوة على توفرها الدائم في مقر الهيئة في الشارقة.
ومن أبرز الكتب التي أصدرتها الهيئة حديثا كتاب «تحولات البنية الدرامية في مسرح يوسف العاني في ضوء المتغيرات الثقافية، و»عرائس بلا أعراس» و»ثنائية الحقيقة والوهم» و»فاطمة قالير- خمس مسرحيات».
«تحولات البنية الدرامية في مسرح يوسف العاني في ضوء المتغيرات الثقافية» هو في الأصل أطروحة نال بها الباحث المسرحي العراقي عامر صباح المرزوك درجة الدكتوراه. تناول المؤلف في هذا الكتاب تجربة يوسف العاني نموذجا فذا ومؤثرا وشاهدا فاعلا وحيويا في مسيرة المسرح العراقي على مدار عشرات السنين. وفي هذا الخصوص، يقول الدكتور المرزوك: «لا يمكن لأي باحث أن يكتب عن التطور الدرامي في المسرح العراقي دون أن يتوقف عند تجربة العاني، وذلك لأنه مجدد فيها، مع تأمل ملامح هذه التجربة التي سار فيها بشكل علمي، بدأها بالواقعية الاشتراكية وفيها تأثر بالأدب الروسي كثيراً وفق متطلبات المرحلة التي كانت مليئة بالتناحرات السياسية التي ميزت تجاربه في عقد الخمسينيات من القرن الماضي وما بعدها»، ثم يضيف: «ولقد اتجه العاني إلى الفكر السياسي ووضعية الإنسان داخل مجتمع قائم على النفعية والاستغلال، فكانت مسرحياته مجابهة ثورية بين الإنسان العراقي والضغوط السياسية المتنوعة والموزعة بين الريف والمدينة».
«عرائس بلا أعراس» لعبيدو باشا
يتناول عبيدو باشا في كتابه «عرائس بلا أعراس» مسرح الطفل في لبنان باعتباره «أداة مؤثرة.. وتجسيداً معبراً لواحدة من نقاط التحول الكثيرة في تاريخ لبنان الحديث» بحسب عبيدو في مقدمة الكتاب والتي يقول فيها أيضاً «قصة مسرح الأطفال، قصة البلاد مختزلة في مسرح الأطفال. تتابعت، على مدى سنوات كثيرة. التتابع، سلسلة مستمرة ومتصلة، توالي مجموعة من العناصر المنظمة. كل شيء له علاقة بالدوافع. ولأن الأخيرة مؤثرة على الشخصيات، مؤثرة في الشخصيات، وجد المعرضون عن مسرح الأطفال، بحجة أنه مسرح قاصر، بتجريده الأفكار وتخصيصه المشاهد بالدمى أو بالشخصيات السريعة المحكومة بالغياب بالنسيان، وجد هؤلاء أن المسرح هذا، مسرح تجميع ملاحظات لا مسرح دراما. وجدوا بالمسرح ، شبه مسرح. لم يجدوا في شكله شكل المسرح ولا سيناريوهاته النهائية. وجدوا فيه، مظاهر تخطيطية لا أكثر. وجدوا فيه المخطط الأصغر لمسرح لم يستطع أصحابه أن يرشدوه، بحيث يحسب بالدرامات المسرحية النوعية. لا مواد كاملة في مسرح الأطفال. واحد من الأحكام النهائية، على أطوال المسرح العديدة، غير الظاهرة على وجوه الشخوص الرئيسية في مسرح الكبار».
تناولت فصول الكتاب تفاصيل وأسماء خريطة مسرح الطفل في لبنان وتحولاته، وبسلاسة قلم عبيدو المعروفة، وشراسة رأيه المعهودة، لا يوارب ولا يجمل، ينتصر لفعل الجمال ولا ينتقص نقص التجربة حقها، يكتب كشاهد شريك في الفعل، في الإنجاز وفي الانكسار، ويعرج ضمن أبواب معنونة بالإشكال مثل: «انكسارات بيروت، انكسارات التجربة، مسرح نهضة أم مسرح شريك بالنهضة، استلهام الروح واشتغال على الاختلاف، لا أسئلة مستقيمة ولا اسئلة متعرجة….» إلى آخر تلك الموضوعات التي جاءت في 240 صفحة من القراءة المتفردة المبنية على قراءة مكامن التناقض والصراع بعقلية جدلية علمية لم تنس أن تبرز الوجوه والملامح والأسماء التي أثرت هذا المسرح وأثرت في مسيرته.
«ثنائية الحقيقة والوهم في المسرح» لمهند إبراهيم العميدي
يقول مهند ابراهيم العميدي في مقدمة كتابه «ثنائية الحقيقة والوهم في المسرح»: «للوهلة الأولى تبدو «ثنائية الحقيقة والوهم» قائمة على التناقض بمفهومها العام، ذلك لأن المفهومين يمثلان مرجعيات اشتغال مغايرة، إذ إن كلا المفهومين وما يمثلانه من اشتغالات يشكلان بنية أنساق تختلف الواحدة عن الأخرى. فبالرغم من هذا التناقض الظاهر والتضاد في الفهم الأحادي للمفهومين، إلا أن هذه الثنائية اشتغلت بوصفها مفهوماً فلسفياً فكان التناقض في آليات اشتغال المفهومين هو الإشكالية الأولى». ويوضح أن الهدف الذي يسعى إليه البحث يكمن في كشف إشكالية فهم النص المسرحي العراقي لهذه الثنائية، وكذلك قدرة هذه الثنائية؛ على رسم خريطة النص المسرحي العراقي وفق آليات الاشتغال المعرفية والفلسفية لهذه الثنائية ومن ثم تأسيس منظومة فكرية مغايرة يعتمدها النص المسرحي العراقي يكون عمادها ثنائية الحقيقة والوهم. وعليه كانت حدود البحث تتركز في اشتغال ثنائية الحقيقة والوهم في النصوص المسرحية العراقية وزمانياً في الفترة (1980 2000)، حيث وجد الباحث أن المتغيرات التي حدثت في هذه الفترة الزمنية هي متغيرات خطيرة أربكت العقلية العراقية ما بين حقيقة وهمها ووهم حقيقتها. أما حدود البحث الموضوعية فقد سعى الباحث إلى إيجاد نصوص مسرحية تتلاءم مع طبيعة بحثه في الساحة المسرحية العراقية، فكانت النصوص المسرحية التالية :
«القمامة» للكاتب علي عبد النبي الزيدي، «في أعالي الحب» للكاتب فلاح شاكر، «الصدى للكاتب» للدكتور مجيد حميد الجبوري، «حكاية صديقين» للكاتب محي الدين زنكنة، «هاملت بلا هاملت» للكاتب الدكتور خزعل الماجدي. ومثلت هذه النصوص حدوداً مكانية للبحث الموسوم «ثنائية الحقيقة والوهم في النص المسرحي العراقي المعاصر».
عمل العميدي في كتابه الذي يقع 182 صفحة على تقديم سرد شارح للمصطلحات، فيما قسم كتابه إلى قسمين، تناول في الأول منهما المرجعيات الفلسفية والتاريخية لثنائية الحقيقة والوهم في المسرح، متتبعاً أثرها في المسرح العالمي من الإغريقي وحتى التعبيرية، وتوقف في فصل ثانٍ من هذا القسم عند اشتغال هذه الثنائية عند برانديللو، و من ثم تأثير برانديللو على كل من بريخت وبيكيت ويونسكو وعلى المسرح الوجودي.
في القسم الثاني من الكتاب تناول العميدي الإطار التطبيقي على المسرحيات العراقية التي ذكرناها آنفاً، ليكون بكتابه هذا قد ربط الهداف والنتائج التي توخاها من كتابه.
خمس مسرحيات لفاطمة قالير
ضمن سلسة ترجمة صدر كتاب بعنوان «فاطمة قالير- خمس مسرحيات» وهو كتاب يقع في مئتين وخمس وسبعين صفحة، يضم بين دفتيه ترجمة لخمس مسرحيات للكاتبة الجزائرية عن أصل النصوص المكتوبة بالفرنسية، قامت على ترجمة هذه النصوص أربع مبدعات جزائريات، وهذه النصوص هي: «الأميرات» ترجمة الدكتورة جميلة بنت مصطفى الزقاي ومنال رقيق، «الحلقة الذكورية» ترجمة أنوال طامر، «الضرائر» ترجمة جميلة بنت مصطفى الزقاي، و»تبدو أشجار الخروب من بعيد» ترجمة حفيظة بلقاسمي، «ريم الغزالة» ترجمة جازية فرقاني.
وفاطمة قالير من مواليد الجزائر سنة 1944 في قسنطينية بالعروش فيما بين سكيكدة وعاصمة الجسور المعلقة. وهي (دراماتورج) كاتبة نصوص مسرحية؛ جزائرية فرنسية خريجة جامعة الجزائر العاصمة حاصلة على ليسانس في الأدب الفرنسي، وفي السينما عن جامعة فانسون الفرنسية. كتبت ما يزيد عن عشرين نصاً مسرحياً تمت ترجمتها إلى لغات كثيرة. فازت بجائزة أرليتي سنة 1990، وجائزة كاتب ياسين ومالك حداد عن مركز نور الدين عبة سنة 1993 وجائزة أميك من الأكاديمية الفرنسية سنة 1994 عن مجموع أعمالها المسرحية. هذا علاوة عن الكثير من جوائز التقدير التي نالتها عن أعمالها الإبداعية وهي أحد أعضاء الأكاديمية الدولية للكتاب الدراميين لشاتيون.. كما حصلت على منحة من بومارشي ومنحة أخرى عن المركز الوطني للكتاب سنة 2005.
اشتهرت فاطمة قالير بأعمالها الدرامية المعاكسة لما هو تقليدي ومعاصر جزائريين، فتطورت بصفتها كاتبة. لم تهد نفسها لكتابة القصة التي كتبتها امتدادا لدراستها الجامعية، لكنها تعتني أيضا بكُتّاب المستقبل بتأطيرها للكثير من ورشات الكتابة بلقاءات دولية.
توضح الدكتورة جميلة الزقاي في مقدمة الكتاب إن هذا الإصدار يجسد مواصلة إشعال الفتيل الذي بادرت الهيئة العربية للمسرح بعام للمرأة في المسرح العربي 2012 ليزداد توهجا تحت ظلال الإنتاج المسرحي النسوي بيراع يجمع بين ثقافتين وحضارتين تجاذبتا وتعاصرتا وخضعتا لسياسة الغالب والمغلوب الخلدونية لتستقر بعقر دار الغالب فتغزوه بلغته، بكل ما تحمل من روافد تكون لحمة المجتمع الجزائري الذي نشأت به الكاتبة وتشبعت بتقاليده وعاداته، فعافت الكبت والضغوط التي تمارس على المرأة الجزائرية بخاصة بالمناطق القروية والمدن الصغيرة.