لأن الصورة تحكي كل الحكاية…. مشروع تخطى الحواجز وجمع شباباً لم يلتقوا يوماً
لم يكن كثر من الأطفال الذين شاركوا في مشروع “صورة وحكاية” يدركون أن مشاركتهم هذه قد تغيّر أموراً كثيرة في حياتهم وتأخذها في منحى آخر بعيداً عن العنف والانقسامات الطائفية والتمييز والهجرة. كثر من هؤلاء الاطفال تخطوا الواقع الذي يعيشون فيه وقرروا أن يعطوه منحى إيجابياً للحياة بعيداً عن الظروف الصعبة التي يعيشون فيها. تمكن المشروع الذي نفذته جمعية مهرجان الصورة-ذاكرة بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة-يونيسف بمشاركة 70 فتى وفتاة تتراوح أعمارهم بين 14 سنة و18، من لبنان وسوريا وفلسطين والعراق، من أن يغير الواقع فيجمع أطفالاً ومراهقين من مجتمعات مختلفة ويحقق ذاك الترابط بين المجتمعات اللاجئة والمضيفة، بطريقة إيجابية تشجعهم على متابعة حياتهم برؤية مختلفة. من مطلع عام 2016، درّب مصوّرون وصحافيون وخبراء في الإعلام هؤلاء الشباب على إعداد التقارير والصور الفوتوغرافية ليصبحوا صحافيين محليين يعبّرون من خلال عدسة الكاميرا ومن خلال كتاباتهم ورواياتهم. قد يعبّرون عن معاناة أو عن واقع أو عن فرح أو عن ألم… كلّها مشاعر ونظرات تعكس واقعاً لا يمكن التغاضي عنه.
انطلاقاً من “صورة وحكاية” وخلال افتتاح المعرض الفوتوغرافي للمشروع الذي جمع الأعمال الفوتوغرافية والصحافية التي تم انتاجها، عبّر عدد من الشباب المشاركين عن سعادة لا توصف، وعن طموحهم بمتابعة المشوار بعد هذه التجربة لإحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم والمشاركة في اتخاذ القرار من خلال الاعمال التي يقدمونها، كلٌ على طريقته. بعفويته وطبيعته المرحة، أكد حسين حاج غزال (14 عاماً) في حديث مع “لها” إنه يشعر بأن الحظ حالفه فعلاً لتمكّنه من المشاركة في “صورة وحكاية” فوجد نفسه يتحوّل ليصبح أكثر أهمية في المجتمع ويلعب دوراً فاعلاً… يقول: “لم أشأ يوماً ان أكون شخصاً عادياً بل كنت أطمح لأن أكون فاعلاً وقد حققت ذلك.
تفاجأت بكل التغيير الذي حصل في حياتي وشخصيتي فزادت ثقتي بنفسي وصرت فخوراً بما أنجزه. هي تجربة مميزة عشتها وأتمنى المتابعة في هذه المسيرة لأقدم المزيد للمجتمع”. أما الصورة المفضلة لدى حسين فهي تلك التي التقطها لامراة عجوز تشبه جدّته إلى حد كبير فصوّرها وهي تتعلم وتقوم بالأشغال اليدوية.
أما الشابة سارة قهوجي (17 عاماً) فتعتبر أن مشاركتها هذه كانت إحدى أجمل التجارب في حياتها، فهي لم تتعلم فيها الكتابة الصحافية والتصوير فحسب، لا بل التقت خلالها أشخاصاً هم في غاية الاهمية لها… تقول: “استطعت من خلال “صورة وحكاية” أن أعبر عن آرائي ووجهة نظري وأن أدافع عن مبادئي وأفكاري”. كما ان هذه التجربة بدّلت آرائي بشأن الأشخاص ومنهم من أصبحوا يشكلون جزءاً مهماً في حياتي”.
من جهتها، تحدثت ملاك اليوسف من فلسطين (16 عاماً) فعبّرت عن فرحها بالمشاركة لتتعلم التصوير وتكتب أخباراً. كما تفرح بهذه التجربة التي سمحت لها بالتعرّف إلى أشخاص آخرين من مجتمعات مختلفة. هذا فيما تؤكد أنها تتمنى المتابعة في مجال التصوير بعدما اكتشفتها هواية لديها تمكنت من تطويرها وتوظيفها بطريقة إيجابية.
عن “صورة وحكاية” تحدثت السيدة سهى بساط بستاني مسؤولة الإعلام والاتصال في اليونيسف بالقول إنها التجربة الثالثة لليونيسف مع “ذاكرة” فيما كانت في البداية مع أطفال هم أصغر سناً، فتم اتخاذ قرار بتوسيعها لتشمل مراهقين لاعتبارهم يشكلون جزءاً مهماً في المجتمع وغالباً ما لا تعطى لهم حقوقهم. “خضع المراهقون إلى دورة تدريبية مكثفة استمرت لمدة 3 اشهر انتهت بإعداد كتابات صحافية وانتاج مجموعة من الصور الفوتوغرافية التعبيرية. تدربوا على فن التصوير وكتابة الخبر وعلى الكتابة التي تعنى بالتواصل الاجتماعي. لكن الأهم من هذا كلّه ان هذا المشروع جمع 70 شاباً وفتاة من مجتمعات مختلفة وجنسيات. لهذا تعتبر هذه تجربة رائدة لأنها جمعت للمرة الأولى فئات مختلفة اختلطت لإنجاز هذا المشروع الإيجابي بكل ما فيه”.
أما عن سبب اختيار التصوير، فتشير السيدة بستاني إلى أن اختيار الصورة أتى لاعتبارها تحكي كل الحكاية وتكفي وحدها لنقل الواقع فهي تحمل وحدها الذاكرة والقوة والتعبير. ومما لا شك فيه أن المشروع حقق أهدافه لأن كثراً من المشاركين أكدوا أن حياتهم تغيّرت من بعده وظهر لديهم الأمل في الحياة وزادت ثقتهم بأنفسهم ومنهم من يرغب باختيار مهنة الصحافة بعد هذه التجربة. وتضيف: “من المشاركين من رأى ما لم يره في حياته، ومن التقى أشخاصاً لم يقابلهم يوماً ولم يتصوّر أنه قد يفعل. ونأمل طبعاً أن نتوسع في المستقبل ليشمل المشروع مناطق أخرى حتى تطاول أهدافه كل طبقات المجتمع”.