من حكايا الصيف (2)
كانت هيلين، ملكة إسبرطة، امرأة رائعة الجمال، فائقة الأنوثة، وكان زوجها الملك مينلاوس يعشقها ويجدّد حبّه لها كلّ يوم. لكنها لم تبادله يوماً الحبّ. تمرّ الأيام، وهيلين تغرق أكثر فأكثر في وحدتها ومللها. إلى أن كانت زيارة مفاجئة ذات يوم من أمير شاب يدعى بارس، من مدينة طروادة، من الضفّة الأخرى من البحر. جاء مطالباً بفكّ أسر عمّته وإطلاق سراحها. فوقع بحبّ الملكة البائسة من النظرة الأولى، وبادلته الحبّ بجنون، وقررا ذات ليلة أن يهربا إلى طروادة، ويتزوّجا. لم يتقبّل الملك مينلاوس خسارته هيلين، وقرّر شنّ حرب شعواء على طروادة، بمساندة ملوك اليونان وكبار قادتها العسكريين. بقيت جيوش اليونان عند أسوار طروادة عشر سنوات من دون أن تحقق نصراً أو تُفتح لها أبواب المدينة الحصينة. ثم خطرت لهم خدعة عسكرية من شأنها أن تحقّق النصر: تعلن إسبرطة هزيمتها، وتبني حصاناً خشبياً كبيراً هدية سلام لطروادة، يختبئ فيه جنود بواسل، يأخذون المدينة على غفلة عندما ينام أهلها. وهكذا صار. بقيّة الحكاية يعرفها الجميع. لكنّ ما لا نعرفه، أن كلّ تلك الحرب قامت من أجل عينيّ هيلين التي عادت إلى مليكها بعد السقوط المهيب وموت حبيبها وحرق المدينة. الحرب تلك التي نذكرها في كلّ مناسبة، ونضرب بها المثل سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً، كانت من أجل عينيّ امرأة. لكنّ التاريخ، مع الأسف، اعتاد ان يتنكّر دائماً لفصول النساء في الأساطير والقصص.
نسائم
قطار ينسحب في الطبيعة الخضراء
يشقّ الطريق بين الحقول والبساتين
يجتاز نهراً
يجتاز عمراً وذكريات
يتوقّف عند محطة، يبكي، يتألّم،
يضحك، ثم يكمل طريقه.