صَوْتُكِ الْمُقِيمُ هُنَاكْ
صَوْتُكِ الْغَائِرُ فِي حُنْجُرَةِ النَّاي
يَسْكُبُ حَنِينَ الرُّعَاة
يُرَبِّي الْحُبَّ بِرِعَايَةِ الْعَاشِقِينَ
السُّرَاةِ
الذَّاهِبِينَ
فِي اتِّجَاهِ الْيَاسَمِين
وَيَقُودُ التَّائِهِينَ إِلَى صَمْتِ الْفِجَاج
مُثْقَلِينَ بِغُنْجِ شَقَائِقِ النُّعْمَانْ
مُسَوَّرِينِ بِنِدَاءَاتِ السُّهُوب
يَرْقُبُونَ الْمَدَى بِقَلْبِ الْمَحَبَّة
٭٭٭
صَوْتُكِ الْمُقِيمُ هُنَاك
شَاخَ وَحِيداً
عَلَى أَوْتَارِ النِّسْيَان
دَفَنَ عُمْرَهُ فِي رَمْلِ الْغِيَاب
وَسَكَنَ قَبْرَ السَّحَاب
وَوَحْدَكِ تَذْكُرِينَ الْغُيُومَ الَّتِي ذَابَتْ مِنْ عَيْنَيْكِ
ذَاتَ رَحِيل
مَازِلْتُ أَحْفَظُ مِلْحَهَا
أَنْهَارَهَا السَّائِبَة فِي ذَاكِرَتِي
أَشْجَانْ
صَوْتِكِ الْقَادِمُ عَلَى إِيقَاعِ الْكَمَنْجَاتِ
مُتْعَبُ الْحِبَال
شَجْوُ الْمَقَامَاتِ
يَنْزِفُ دَمَ الْمَجَازِ عَلَى أَرْضٍ الْحَقِيقَة
يَسْعَى بَيْنَ الشِّفَاه حَنِيناً لِشَهْوَةِ اللَّيْل
وَغَزَلِ الصَّبَاحَاتِ
الْآنَ مِلْءُ يَقِينِ الْحُنْجُرَة
يَسْرِي فِي الْعُرُوقِ دَبِيبَ ذِكْرَيَاتٍ هَارِبَةٍ مِنْ التَّلَف
وَيَعْوِي فِي أَحْرَاشِ الْخَفْقِ
نَافِضاً عَنِّي سَهْوَ الظَّهِيرَة
صَوْتُكِ الَّذِي يَعْبُرُنِي
نَمْلاً يَدِبُّ فِي وَتَرِ الْقَلْبِ
يَعِيثُ نَخْوَةً فِي صَحْوَةِ الْغَيْبِ
رَفِيقَ دَرْبِ عُزْلَتِي حِينَ تُغَازِلُنِي
يَمَامَاتُ الْحَنِين
صَوْتُكِ
صَادٌ صَحْوُ السَّالِكِينَ عَتْمَةَ الْحَيَاة
وَاوٌ وِدُّ الْعَاشِقِينَ لِشَمْسِ الْبَوْح
تَاءٌ تَأْجِيلُ الْعُبُورِ صَوْبَ الْغِيَاب
كَافُكِ كَفٌّ يَشْتَعِلُ صَبْوَةً لِتِيهِ الرَّحِيل
وَأَنْتِ أَنَا
خِلَّانِ وَاحِدٌ فِي حَرَائِقِ الذِّكْرَى
ظِلَّانِ مُفْرَدٌ لِشَجَرَةِ وَاحِدَةِ
وَوَاحِدٌ إِثْنَانِ فِي حَمْأَةِ الْوِصَال
صَوْتُكِ الآتِي مِنْ الذِّكْرَيَاتِ
يُشْعِلُ الْقَلْبَ بِالْغُيُوم
الْغُرَفَ بِقَنَادِيلِ الْأَرَق
الطُّرُقَ بِجُنُونِ الْخَطْوِ
الْمَسَارِبَ بِسَوَاقٍ يَانِعَةٍ بِوَجَعِ التُّرَاب
وَالْيَدَ بِفَرَاغٍ ذَاهِلٍ
فَاجِعٍ
خَافِقٍ بِنَزِيفِ النَّدَم
صَوْتُكِ الْبَعِيدُ
يُحْيِي أَنَاشِيدَ الْجِبَال
يُرَبِّي الشُّمُوسَ فِي سَمَاءِ الْقَلْب
وَيَقُودُنِي إِلَى ظِلِّكِ الَّذِي أَوْدَعْتِهِ
لِشَجَرَةِ الذِّكْرَى
أَنَا الْعَازِفُ الْأَعْمَى
وَتَرُ الْكَمَانِ جَوَانِحِي
وَأَصَابِعِي يَحْرِقُهَا نَزِيفُ الْحَنِين
وَصَوْتِي غَائِرٌ فِي صَوْتِكِ
يَفِيضُ عُزْلَةً تُرَتِّبُ مَائِدَةَ الْوَجَع
٭ شاعر من المغرب
6shr
صَوْتُكِ الْمُقِيمُ هُنَاكْ
صالح لبريني