شامة على ركبة الحرب
كل صباح، كنت أحكي لكِ حلم الليلة السابقة
وكعادتك، وكما في كل مرة، كنت تقولين: أنت تروي لي فيلما سينمائيا
كنت تقولين: أنت تعيد ترتيب الأشياء بشكل طفولي،
كما فعلت ونحن في الابتدائية، عندما رسمت وجهي على طائرتك الورقية
كي أقطف الغيمة التي كانت تتوسط سماء البحيرة
يومها، وبسذاجة طفلة، خفت أنا أن يبتل فستاني الطويل بماء البحيرة
وأردت أنت أن تلامس ضفائري وجه الغيمة
وأن تشرق ضحكتي بلونها الأبيض..
يومها ركضت بطائرتي لتخترق صمت الغيمة
ولأسحبها لتلامس أصابعك
ولكني تعثرت لأوشم ركبتي اليمنى بندبة،
بلون الشامة التي تزيّن ركبتك اليسرى فقلتِ:
الآن تماثلنا حد المشي بساق واحدة لكل منا..
عندما كبرنا لحد احمرار خديك من كلمة أحبك،
رفضتِ أن تكشفي عن ساقكِ،
لنرى مدى إخلاص شامتينا لتماثلهما الطفولي،
ولكنك سمحت لي بتقبيل ركبتكِ، فقلتِ وأنتِ ترتجفين:
لن أغسل ساقي كي تبقى رعشة قبلتك مطبوعة على ركبتي..
في تلك اللحظة، قررنا أن نرقص مع زوربا في سينما سميراميس،
رغم أن الحرب كانت على مسافة رشقة رصاص واحدة
لم تسمح لنا الحرب بالرقص تلك الليلة
وكنتِ قلقة أن لا نرقص في الليلة التالية فقلت لك:
زوربا أكثر نقاء من أن يدع حربا تسرق منه رقصته
وكنت قلقة من أن لا نجد مقعدينا قريبا من ندبة قلب زوربا،
التي يرقصها وحيدا، خلف ظهر ندوب الحرب،
لأن الحرب أوصلت عبثها لمسافة ذراع من ساق بائع التذاكر.
في اليوم التالي رفعت الحرب صوتها أعلى من بحة غناء زوربا
وظلت ركبتك تتعرق رعشة قبلتي،
وأنا أحكها بشهقات فستانك الأزرق
في ساعة متأخرة من عتمة تلك الليلة قلتِ:
أحيانا لا تكون الحرب سيئة جدا،
ولكن أصابعي كانت أكثر قلقا على شامتك
فلم تفهم وجع لحظتك تلك،
حتى بعد أن قبلتِ أصابعي.
من تلك الليلة كرهت الحرب بإخلاص
كي لا ترتعش شامتك مرة أخرى.
تلك الليلة عدنا وحيدين، والحرب تتسلل من بين ساقيّ شامتينا
قلتِ وأنتِ تشدين طوق ذراعك على خصري:
شكرا لحبك الذي يحميني من ركوب الباص؛
فرغم خيبة الحرب، مازلت أحب التسكع في شوارع الليالي الماطرة.
كاتب عراقي
سامي البدري