توقع مصرفيون ومحللون بدء موجة جديدة من هبوط الدولار أمام الجنيه، مدفوعة بانتعاش عمليات التنازل عن العملة الأمريكية من جانب العملاء داخل البنوك المحلية منذ مطلع الأسبوع قبل الماضى ، لافتين إلى أن الموجة المرتقبة لن تكون بحدة التراجع الذى حدث فى شهر فبراير الماضى، عندما هبط الدولار إلى 15.75 جنيه.
وشهد «الأخضر» موجتى هبوط منذ تحرير سعر الصرف، الأولى كانت عقب التعويم بأيام وهبطت من مستوى 17 جنيها إلى 15.26 جنيه لكنها ما لبثت أن تحركت فى منحنى صعودى لامست خلاله مستوى 20 جنيها، قبل أن تبدأ الموجة الثانية فى فبراير الماضى، وتفقد ما يزيد عن 20 % من مكاسبها منخفضة من 18.76 جنيه إلى قرب 15.75 جنيه.
وتتزامن الموجة المرتقبة مع ارتفاع وتيرة اكتتاب الأجانب فى أدوات الدين المصرى، إذ بلغت مشترياتهم نحو مليار دولار فى الأسابيع الثلاثة الأخيرة من شهر مارس المنقضى، بينما سجلت نحو 4.4 مليار دولار منذ انطلاق قطار التعويم فى نوفمبر 2016، حسبما نقلت وكالة «بلومبرج» الأمريكية عن سامى خلاف رئيس قطاع الدين بوزارة المالية.
وتراجع متوسط الدولار 10 قروش خلال الأسبوع الماضى، بعد فترة صعود استمرت شهرا تقريبا ليسجل 17.98 جنيه للشراء و18.08 للبيع يوم الخميس الماضى، مقابل 18.08 و18.18 للشراء والبيع على التوالى فى تعاملات الأسبوع قبل الماضى.
وقال عاكف المغربى، نائب رئيس بنك مصر، إن التنازل عن الدولار داخل البنك تضاعف أكثر من 100 % خلال الأسبوع الماضى، ليصل إلى متوسط يومى بحدود 20 مليون دولار، مقابل مستوى بين 5 – 10 ملايين فى الأيام التى لم تشهد انخفاض ملحوظ فى سعر العملة الامريكية، مشيرا إلى أن الحصيلة بدأت فى التحسن منذ أسبوعين تقريبا.
ورجح اتجاه أسعار العملات الأجنبية للتراجع أمام الجنيه خلال الأيام المقبلة بناء على عمليات التنازل التى قام بها العملاء مؤخرا، مشيرا إلى أن السعر الحالى قد يكون جيدا لكن مؤشرات العرض والطلب تؤكد أن الدولار على أعتاب هبوط جديد.
وأشار إلى أن حجم التنازلات داخل بنك مصر سجل نحو 1.8 مليار دولار، منذ صدور قرار تحرير سعر الصرف فى 3 نوفمبر الماضى، فيما تجاوز حجم ما تم الاتفاق عليه لتمويل التجارة الخارجية نحو 3 مليارات دولار.
وأكد تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة، وإدارة الأموال لدى أحد البنوك الأجنبية، ارتفاع التنازل عن الدولار بشكل واضح منذ أسبوعين بالتزامن مع استقرار سعر الصرف، قائلا: « نرى منذ الأسبوع الماضى تحديدا زيادة فى متوسط بيع الدولار بنسبة 20 – 30 % وهذا ناتج عن التراجع الطفيف فى سعر العملة الذى هبط عن مستوى 18 جنيها فى عدد كبير من البنوك»، مضيفا : اعتقادى أن الدولار سيبدأ موجة هبوط جديدة يواكبها ارتفاع أكبر فى وتيرة التنازل عنه، خاصة مع التدفق الحالى لاستثمارات الأجانب فى البورصة وأدوات الدين المحلية.
ورجح هبوط العملة الأمريكية أسفل 18 جنيها للبيع خلال منتصف الأسبوع الجارى، لافتا إلى أن السعر التوازنى للدولار يدور بين 16 – 17 جنيها، «ويمكن أن نصل إليه عبر موجة الهبوط الجديدة».
ويرى هانى جنينة، محلل الاقتصاد الكلى، ورئيس قسم البحوث السابق لدى شركة «بلتون» أن أى هبوط حاد للدولار حاليا سيكون غير مفيد، لأنه غير ناتج عن تحسن فى مصادر العملة الأساسية، مثل الصادرات والسياحة وقناة السويس وتدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر، مشيرا إلى أن العملة الأمريكية قد تنخفض بناء على التنازلات داخل البنوك، وتأثر الطلب « لكنه سيكون انخفاض غير قوى ومؤقت قائم على تدفقات موسمية وليست دائمة».
وقال إن المستوى التوازنى للعملة الأمريكية بين 16.5 – 17 جنيها، موضحا أن الحكومة أعلنت عن الاتجاه لسداد نصف مستحقات شركات البترول الأجنبية بنحو 1.7 مليار دولار خلال أسابيع، كما أن البنك المركزى بصدد إلغاء ما تبقى من قيود على التحويلات الخارجية مع الحصول على الشريحة الثانية من قرض الصندوق فى يونيو المقبل، بالإضافة إلى التوقعات بعودة الاستيراد لمستواه الطبيعى بدءا من يوليو.
وتابع : «لذلك لا أعتقد أن البنك المركزى سيترك الدولار لموجة هبوط عنيفة وفى حالة زيادة التنازلات داخل البنوك سيقوم بالتدخل عبر الشراء من »الإنتربنك« لدعم الإحتياطى الأجنبى.
وقال مسئول غرفة المعاملات الدولية بأحد البنوك الخاصة، إن مستوى تنازلات الأفراد عن العملة الصعبة تضاعف لدى بنكه حوالى 3 – 4 مرات مقارنة بمستويات مارس، بدءا من يوم الثلاثاء الماضى، تزامنا مع بدء تراجع سعر صرف الدولار نسبياً أمام الجنيه.
وتوقع استمرار التراجع التدريجى فى سعر صرف الأخضر على مدار الأسبوع الجارى، بمقدار 5 – 10 قروش يوميا.