5من اصل5
اختار طارق التلمساني لبيته خطوطا لينة، دائرية، تحيط بالساكن مثل رحم أم وتدعو الضيف للمكوث والاستقرار وكأن البيت راحة كف ممدودة للزائرين. في مواجهة الداخل إلى المنزل، يمتد قوس السلم رأسيًا فيما يمتد قوس الممر أفقيًا ليكشف دون إفضاح عن القسم الداخلي للبيت، حيث غرفة النوم والمطبخ ومكا صغير للطعام.
الممر الذي ينحنى ويصل بين جزأي البيت يغمره الضوء الطبيعي أيضا، نفس الضوء الذي أصبح علامة مميزة لأسلوب طارق التلمساني في التصوير السينمائي.
اختار الممر ليكون معرضا دائما لشهادات التقدير التي حصل عليها عبر مشواره كمصور سينمائي في مصر وفي العالم. هكذا تمتزج عناصر المعمار بروح وتاريخ صاحبه وتضفى على كل أركانه، بما في ذلك قوس الممر، بهجة وحركة ولونا.
في مقابل لوحة الخيول في قاعة الاستقبال، نجد في غرفة النوم لوحة لقطيع من الجمال يركض في الصحراء خلفية اللوحة الزرقاء تتلاءم مع روح الأحلام ومع نقاء الخطوط العامة للبناءة، فيما تتصدر مفردات الريف (الفرعونية) من ماء وخضرة وطيور داجنة لوحة تزين الجدار أعلى الفراش. صحراء وريف وبينهما يقع بيت طارق التلمساني وغرفة نومه ذات السقف الخشبي، غرفة الراحة والأحلام.
سقف الغرفة نفسه إحياء لذكرى البيت القديم، وإن كان هنا يحتفى بطراز أقرب لطراز الشاليه الأوروبي، جامعا بين ثقافات العائلة بمصادرها المتنوعة، المصرية والعربية والكوزموبوليتانية. النائم في هذه الغرفة يحلق مفتوح العينين في جو من البساطة والتلقائية تؤكده الألوان الهادئة الباعثة على النوم والتي لا تقف عائقا في الوقت نفسه أمام الأفكار والخيالات. يبدو صاحب الغرفة في كل الأحوال حرا في نومه وفي استيقاظه، ففضاء الغرفة لا يعوقه شيء، لا مجال لتكديس الأثاث والمقتنيات، والكليم اليدوي الذي يغطى أرضية الغرفة يؤكد مرة أخرى هذه البساطة والاحتفاء بالعمل الإنساني. هي غرفة تحكى شطرا من تاريخ صاحبها ومحاولاته في مجاهدة النفس والناس في سبيل حرية الاختيار أو بالأحري في سبيل حرية اختيار البساطة، بلا استعلاء ولا إدعاء.