لست أبالغ حين أقول إن أعمال زينب حفني الروائية والقصصية تستند إلى موهبة حقيقية، تتسم بكثير من السمات الفنية التي يمكن الوقوف أمامها وتأملها، لتشكل في النهاية صورة لملكات وأدوات إبداعية لديها ربما لا نجدها عند معظم الكاتبات السعوديات الأخريات، وتعبر هذه السمات الفنية في مجملها عن تطور حركة السرد الأنثوي لدى زينب حفني من جانب، ولدى الكاتبة الأنثى في السرد الحكائي المعاصر من جانب آخر.
وأولى هذه السمات التي نلاحظها جلياً قدرة الكاتبة الفنية على تقديم صياغة سردية شديدة الدلالة على تنوع النماذج النسائية وتعدد مشكلاتها، وابتعادها عن التماهي السيري أو الذاتي مع نماذجها المقهورة، كما يظهر التوق إلى الحرية لدى نسائها وشخصياتها في أوضاع مختلفة، وهن واعيات لشرطهن الاجتماعي والإنساني، فننياين مواقفهن من حال إلى حال، مدركات لمصائرهن المعذبة.
ومن أبرز الأعمال التي تعبّر عن ذلك، المجموعة القصصية “هناك أشياء تغيب”، حيث تأتي نموذجاً دالاً على الأنوثة المطعونة وشهادة طيبة على تطور السرد الأنثوي، فالمجموعة بكاملها تدور حول موضوع محدد هو حرية المرأة، فلاتزال المرأة عندها تنتمي إلى جماعة مغمورة تعاني وطأة العيش في شرط تاريخي واجتماعي قاهر، حيث تتجه المرأة في القصة التي تحمل عنوان المجموعة “هناك أشياء تغيب” إلى موعدها معه، بمطعم الروشة في بيروت، فقد بعثت له رسالة بالبريد الإلكتروني، مبدية رغبتها في جسر من التواصل بينهما، فنجد محاولة لتوكيد الأنوثة وحريتها، ومحاولة مقابلة لتوكيد الذكورة وقيودها وسطوتها، وهي اللعبة المستمرة في المعادلة الصريحة التي تتبدى في التعرية المتبادلة بين الرجل والمرأة، وتتناول القصة، على وجه الخصوص، تعذر الاتصال بين الرجل والمرأة، إذ سرعان ما جاهرت الأنثى بمعاداة الذكورة لتسلطها عليها، وخاطبته نافية الخنوع له، وعدم تقبّل دكتاتوريته، فهو رجل لم أعد أبكي زينب حفيني
معقد، مغرور لا ثقة له بالنساء.