1من اصل2
صالحة شعبان، تصوير: فوزي مصرللي
قطعة الفخار الرصينة تستعيد عبق الحضارات القديمة بأنامل الفنان الخزاف محمد مندور الخزفية بثرائها وتفردها التي تناغمت مع رؤية الفنان فوزي مصرللي الفوتوغرافية في مزيج متجانس صنعه الفنان إيهاب اللبان بأبعاد ومضامين فلسفية في قاعة أفق.
يرمز الخزف بطبيعته إلى أصل الإنسان فهناك رابط يشده إليه، ويمنحه الفرصة للاقتراب من وسيط يحمل أسرار خلقه، فكلاهما مصنوع من طين، وقد شكل الإنسان من خامة الطين روائع توارثتها الأجيال عبر بها عن فكرة الخلود منشئا فن الخزف الذي ازدهر في مصر خاصة، وظل واحدا من أهم المنجزات الحضارية التي قام بها الإنسان القديم، لخدمة أغراضه العملية والروحية. ويعد فن الخزاف المصري الكبير “محمد مندور” حلقة الوصل بين الماضي والحاضر بل هو إن جاز التعبير أحد أهم شواهد الامتداد الفعلي للتراث المصري القديم.
يقول الفنان محمد مندور “الفنون جميعها وحدة واحدة، وعلى الرغم من تباين ألوان التراث إلا أنه لا يمكن تقسيمها فالفن واحد منذ بدء الخليقة ونجاح الخزاف يكمن في إتقانه بناء شكل خزفي نرى فيه ألوان الفنون المتعددة، الفرعوني منها والروماني والقبطي والإسلامي دون أدنى تشابه أو نقل حرفي. وبذلك يجمع الخزاف في أعماله بين التراث والمعاصرة. وتصبح أعماله ذات هوية تراثية تنتقل من المحلية إلى العالمية. خاصة وإن تعلق لب الفنان بالتراث منذ بداياته الأولى واستمر شغفه بالبحث فيه والنهل منه، وهذا ما حدث معي فبعد ارتباطي الشديد بالفنان “محمد هجرس” النحات الشهير، والذي خطا بي خطواتي الأولى نحو البحث عن هويتي. أدركت أن متاحف التراث بكل ألوانها المختلفة هي وجهتي، وملاذي ومعلمي ومدرستي التي لابد أن أداوم فيها حتى أستطيع اللحاق بالركب”.
تلى ذلك مراحل عدة ساعدت في بناء شخصية الفنان الخزاف محمد مندور وتأكيد ذاتيته مما كان له بالغ الأثر على تفرد أعماله الخزفية واكتسابها صفة الخصوصية.