التخطيط لمستقبل مختلف 2 من 4

التخطيط لمستقبل مختلف 2 من 4

التخطيط لمستقبل مختلف 2 من 4

عقول الناخبين وتوجيههم لاختيارات بعينها… فالأموال الطائلة التي أصبحت تتطلبها الحملات الانتخابية قد
صارت أكبر كثيرًا من القدرات الذاتية للسياسيين، فضلًا عن أن الاعتماد على التبرعات البسيطة من
الداعمين والمؤيدين قد صارت بلا جدوى حقيقية، فمجرد الوصول إليهم أصبح يتطلب إنفاقًا هائلًا… وهو ما
سمح للمال السياسي بتمام السيطرة على الساحة السياسية وتحويل أهلها من قادة رأي إلى مجرد مندوبين
لأساطين المال وباروناته في أروقة الحكم وصناعة القرار… ليس فحسب للدفاع عن مصالحهم، بل
لصياغة الساحة بأسرها بما يخدم تلك المصالح على حساب باقي طبقات الشعوب التي صارت تعاني من
ظلم مجتمعي فادح…
الأمر الذي قد صار على هذا النحو في كل مكان، من دول الغرب ذات الديمقراطية الراسخة إلى دول
العالم الثالث التي لا زالت تكافح للتخلص من الديكتاتورية وحكم الفرد… فالفارق بين هنا وهناك لا يكمن في
أبعد طرق التطبيق وأشكالها وأدواتها، بينما المحتوى ذاته لا يختلف… فالناخب الغربي الذي يتجه لصناديق
الانتخاب والاقتراع منتفخ الأوداج ليمارس بفخر حقوقه الدستورية ليس أفضل حالًا من نظيره في العالم
الثالث الذي يتم تزوير صوته… فالأول قد تم تزوير وعيه داخل جمجمة رأسه من خلال الإعلام الموجه
الذي يبدو حرًا ليتخذ قرارًا قد زرع بصورة غير مباشرة في ضميره، بينما الثاني قد تولى عنه السياسيون
عناء التفكير فزوروا إرادته من المنبع… أحدهما مخدوع بحرفيه ونعومة والآخر مطحون بعنف
وخشونة، إنما النتيجة في النهاية واحدة…
تلكالبلوتونومية أتاحت لأساطين المال والاقتصاد تحوير الرأسمالية، بعد التخلص من الشيوعية أثر
الحرب البادرة، إلى ما يطلق عليه اليوم الليبرالية الجديدة… وتحول النظام الذي يتيح فرص عمل متكافئة
للجميع بلا سقف للطموحات إلى وضع حاجز لتلك الطموحات فوق رؤوس الغالبية العظمى لا يخترقه
سوى من يسمح له “السادة” بالنفاذ منه…

m2pack.biz