التنمية ما بين التوازن والتكامل 2من اصل6
إنم الفارق ما بين النمو والتنمية لا يقتصر على ذلك فقط، فالعدالة هي سمة ضرورية للنمو بينما لاا
مفر منها في التنمية.
لعل الحراك الثوري الذي شهدته مصر في 2011 يلقي الضوء على الفارق الشاسع ما بين النمو
والتنمية، فعلى الرغم من تحقيق مصر لمعدلات نمو اقتصادي مرتفع على امتداد سنوات متعاقبة،
فذلك لم يحل دون الاضطرابات التي صاحبت الرغبة الشعبية في تحويل النمو إلى تنمية تتسم
بالعدالة…فعائدات النمو الاقتصادي قد صبت غالبيتها لدى شريحة رقيقة من المجتمع دون أن
تتوزع بتوازن وعدالة- ولو نسبية- على مختلف شرائح المجتمع… فلا الغالبية حصلت على
مكاسب اقتصادية تعينها على التضخم ولا حتى تحصلت على خدمات ومميزات أفضل، بل على
العكس فقد تراجعت الخدمات التي تقدمها لهم الدولة وتدهورت بنيتها الأساسية، فكانت حركة
التصحيح الشعبية هذه المرة لفرض العدالة التي افتقدها النمو في حين تقتضيها التنمية.
إذا كان مفهوم عدالة التنمية يتعلق بوصول عائداتها بتوازن لمختلف شرائح المجتمع، فتوازن التنمية
يتعلق بتوزيعها على مختلف القطاعات الاقتصادية، فقد تمنح أولوية وقتية لقطاع بوصفه قاطرة تفتح
الطريق لسواها، إنما لا بد من استهداف وتوقع التوازن لاحقا… التوازن ليس هو العدالة المطلقة،
بل هو عدالة التوزيع بما يتناسب مع الأوزان النسبية لمجالاتها، وبالتالي فليس من الضروري أن
تكون التنمية في الصناعة بقدر مثيلتها في الزراعة مثلا، إنما يجب أن تتناسب مع الاحتياج إلى
إحداثها في كل قطاع وفق ظروفه وقدرته الاستيعابية.
التنمية الحقيقية يجب أن تتسم إذن بالتوازن على عدة مستويات؛ التوازن قطاعيًا بمعنى أن تظلل
مختلف قطاعات النشاطات الاقتصادية لتصل ثمارها إلى الجميع، والتوازن حجميًا لتنعم كافة فئات
وطبقات المجتمع بعوائدها… إن لم تتسم التنمية بالتوازن قطاعيًا، فالقطاعات التي تنعم بمعدلات
متسارعة منها سوف تنمو سريعًا وتزداد استثماراتها ويشتد عودها، إنما لا يجب أن ننخدع بتلك
الايجابيات الوقتية التي قد تتحول في المستقبل لويلات من الصعب تداركها… فحينما تتبدد تلك
الطفرة،