التنمية ما بين التوازن والتكامل 5من اصل6
بكل ما يحمله ذلك من سلبية على مستقبل السوق العقاري الذي سوف يكون ألعوبة في يد الشركات
الكبرى التي تؤهلها الدولة دون وعي لتحقيق مكاسب هائلة على حساب الجميع من خلال الوضع
الاحتكاري الذي قدمته لها دون اعتبار لضرورات التوازن الحجمي للتنمية…
التنمية السليمة لا تقتصر ضرورات توازنها فقط على الصعيدين القطاعي والحجمي، إنما لا بد
أيضا من مراعاتها لضرورات تحقيق توازن دقيق على مختلف الأصعدة؛ ولعل أهمها يتعلق
بالتوازن ما بين الاستثمارات المحلية والاستثمارات الأجنبية والدولية… فالدولة التي تعتني باجتذاب
الاستثمارات الخارجية من خلال الفرص والتسهيلات والإعفاءات دون أن تمنح الأولوية للمستثمر
الوطني، هي في واقع الأمر تضع اقتصادها تحت مقصلة غيرها، فالاستثمارات الأجنبية
والشركات الكبرى العابرة للقارات لديها القدرة على تحمل الخسائر حتى إخراج المستثمر المحلي
من سوقه لتنفرد به وتتحكم فيه وتملي بعدها شروطها المجحفة دون ضابط أو رابط أو منافس…
فهي لن تأتي لسوق لا يجتذب مستثمره الوطني إلا إن كانت تستهدف وضعا احتكاريا على المدى
البعيد، وهو ما يعني في هذه الحالة تحديدا أن توازن التنمية ما بين الداخل والخارج يجب أن يكون
من خلال منح الأولوية للاستثمار المحلي لتلك الأسباب الموضوعية…
توازن التنمية يجب تناوله إذن بحساسية فائقة على مختلف الأصعدة لأن نتائجه وانعكاساته تكون
بعيدة الأمد، وبالتالي فلا يجوز أبدا التهافت على مكاسب سريعة سوف يكون ثمنها فادحًا في
المستقبل…التوازن الصحي للتنمية عملية شديدة التعقيد لا يمكن تحقيقها إلا من خلال تخطيط
قومي شامل يربط بين مختلف عناصره ويحسب بدقة انعكاسات كل من قراراته على مختلف
الأصعدة… فالقرارات التي تتخذ منفردة في غيبة النظرة الشاملة تحت وطأة حماس أو في ظل
ضائقة، غالبًا ما سوف تكون سلبياتها في المستقبل أكثر كلفة من مكاسبها الآنية…