عندما كشفت سامسونغ عن هواتفها الرائدة الجديدة، غالاكسي إس 8 وإس 8+، أشارت إلى أنها أول هواتف ذكية تصل للسوق مع دعم لتقنية غيغابت Gigabit في الاتصالات. وللعلم، ليست هواتف سامسونغ الوحيدة، بل أجهزة “إكسبيريا إس زد بريميوم” (Xperia XZ Premium) من سوني تدعم نفس التقنيات أيضًا.
ومع مرور الوقت، سيبدأ المُصطلح بالظهور مع كل هاتف جديد تُطلقه الشركات لأن تلك التقنيات قد تُصبح ضرورة في ظل الاعتماد على الجيل الرابع 4G ، LTE، في الوقت الراهن.
المعنى الحقيقي للمُصطلح هو اتصالات بسرعة نقل بيانات تصل إلى 1 غيغابت في الثانية، 1000 ميغابت في الثانية الواحدة، وهو ما يعني سرعة تفوق سرعة الشبكات المنزلية الموجودة في أغلب بقاع العالم. لكن وفي نفس الوقت، تحقيق هذا الأمر ليس بعشوائي، ولا يتوقّف على دعم الجهاز له من عدمه فقط، بل يتوقّف أيضًا على عوامل كثيرة.
بداية يجب فهم آلية نقل البيانات إلى الهاتف الذكي؛ فعند الرغبة في تشغيل فيديو على سبيل المثال، يتم نقله على هيئة بيانات من أبراج التغطية إلى الهاتف الذكي عبر تردّدات مُعيّنة؛ أي أن الإشارة عبارة عن موجات تنتقل في الهواء.
الأمر يُمكن تشبيهه بالرغبة في الانتقال من ضفّة للثانية على النهر، فالشخص موجود على الضفّة الأولى يستقل القارب للوصول إلى الضفّة الثانية. وما الشخص سوى تمثيل بسيط للبيانات أيًا كانت. في حين تُمثّل الضفّة الثانية هاتف المُستخدم، والقارب هو وسيلة النقل التي تُعادل الموجات الغير مرئية.
مع ازدياد عدد الأشخاص، نحتاج لقوارب أكثر لنقلهم، وبالتالي سيحدث نوع من الازدحام على الضفاف، وداخل النهر مع كثرة القوارب كذلك. وهو أمر يحدث كذلك في عالم الاتصالات عندما تكثر البيانات ويزداد حجمها؛ فمشاهدة فيديو بدقة 4K من قبل 1000 شخص بشكل مُنفرد، لا يُماثل أبدًا مُشاهدة نفس الفيديو بدقّة 240 بيكسل.
الحل الأول الذي تقوم به الشبكات في الوقت الراهن هو استخدام أكثر من حزمة تردّدات في نفس الوقت. والتردّد هنا يُمكن تمثيله بالقوارب. فعوضًا عن الاعتماد على مجرى النهر فقط، يُمكن بناء جسر أو اثنين، أو حتى حفر نفق، وبالتالي يُمكن انتقال الأشخاص (البيانات) من الضفّة الأولى إلى الثانية (الهاتف الذكي) بسرعة أكبر ودون الحاجة لانتظار وقت طويل.
هذا الحل قد لا يكون فعّال دائمًا في جميع الحالات، فماذا لو كانت التربة لا تسمح ببناء جسر أو حفر نفق؟ سيبقى نقل الأشخاص من طرف للآخر محصور بطريقة واحدة. ولهذا السبب تقوم الشبكات باعتماد حل آخر وهو تكرار نفس الحل على هيئة طبقات.
لو كانت وسيلة النقل الرئيسية هي الجسور، يتم بناء جسر مؤلّف من أكثر من طابق، وبالتالي يتم استيعاب أكثر من شخص في نفس الوقت. ونفس الأمر مع الأنفاق من خلال حفر نفق مُتعدّد الطبقات. في عالم الاتصالات هذا المفهوم يُعرف باسم MIMO، وهو يعني حرفيًا أكثر من قناة لإرسال البيانات وأكثر من قناة لاستقبالها.
ما يحدث هو أن الشركات تقوم باستخدام مُستقبلات ومُرسلات إشارة خاصّة تُرسل البيانات من أربعة قنوات على سبيل المثال، مع وجود مُستقبل قادر على قراءة أربعة قنوات في ذات الوقت داخل الأجهزة الذكية. هذا الحل يسمح بالفعل بمضاعفة حجم البيانات التي يُمكن نقلها وتوفير الوقت كذلك؛ فعند وجود جسر مُتعدّد الطبقات يُمكن نقل 4 أشخاص في ذات الوقت عوضًا عن شخص واحد كُل مرّة.
وعلى الرغم من تلك الجهود، ما تزال شبكات الاتصالات تواجه مشاكل بسبب كثرة الأجهزة الذكية المُتّصلة بالإنترنت والتي تقوم بتصفّح المحتوى ومُشاهدة الفيديو وما إلى ذلك. ولهذا السبب تم التوجّه إلى تعديل وسيلة النقل ذاتها عوضًا عن تنويعها أو عن تكرارها.
علميًا يُعرف هذا الأمر بـ “256 كوام” 256 QAM، وهو مفهوم يسمح بنقل بيانات أكثر في الوسيلة ذاتها؛ فإذا كان الجسر يستوعب شخص واحد في نفس الوقت، بإمكانه استيعاب ثلاثة. أو إذا كان القارب يستوعب شخصين، بإمكانه الآن استيعاب ستة.
إذا كانت الإشارة ذاتها قادرًا على نقل بيانات أكثر دون الحاجة لاستخدام حزمة تردّدات جديدة، أو إلى تقسيم الإشارة وتوزيعها على عدّة قنوات، فإن السرعة سوف تزداد بشكل جنوني لأن الازدحام لن يكون موجود أبدًا فيما بعد.
استخدام الأساليب الثلاثة المذكورة أعلاه سيسمح للشبكات بتوفير سرعة نقل بيانات تصل إلى 1 غيغابايت تقريبًا، شريطة أن يدعم الهاتف هذه التقنيات، رفقة الشبكة بكل تأكيد.
على أرض الواقع، فإن شركة كوالكوم طوّرت معالج سناب دراغون 835 الذي يدعم تقنيات MIMO و256 QAM كذلك. وهي تتوقّع وصول ثمانية هواتف خلال العام الجاري مع دعم لتقنية غيغابت. كما قامت شركة ZTE باستعراض هاتف ذكي يدعم تقنيات غيغابت خلال مشاركتها في مؤتمر برشلونة MWC.