M Arch (Hons) PhD Architect Planner 2من اصل3

وتمشيا مع سنة الوجود، نجحت مجتمعات في إحداث نهضة اقتصادية من خلال إنتاج المعرفة
وإتقا تطبيقها في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات، بينما فشلت مجتمعات أخرى في تحقيقن
ذلك. ومن هنا تحولت المجتمعات البشرية إلى مجتمعات غنية، اقتصادياتها قوية وتملك القدرة على
التحكم في مواردها، ومجتمعات فقيرة، اقتصاددياتها ضعيفة وتتحكم فيها عوامل خارجية وتفتقر إلى
سيادة مقدراتها.
لقد ارتكز تقسيم تطور المجتمع البشري إلى مراحل، على مجموعة من المعايير التي من أبرزها
القاعدة الفكرية للتكنولوجيا.
ففي أولى مراحل التطور “مرحلة المجتمع الزراعي” تشكلت القاعدة الفكرية التكنولوجية من
حصيلة التجربة والخطأ، ومن المهارات الحرفية المكتسبة.
وفي ثاني مراحل التطوير “مرحلة المجتمع الصناعي” تأسست القاعدة التكنولوجية على العلم
بفروعه المختلفة.
أما المرحلة الثالثة التي يحملها لنا المستقبل، والتي بدأت بشائرها في الظهور وهي “مرحلة مجتمع
ما بعد الصناعة” فإن قاعدتها الفكرية تقوم على نظرة للعلم بصفة خاصة والمعرفة الإنسانية بصفة
عامة، فهي نظرة تسعى لاكتشاف أوجه الشبه والتلاقي بين الفروع المختلفة للعلم بمفهومه التقليدي
لتخلص منها بالعموميات التي تربطها سويًا وتشكل منها رؤية أكثر شمولا للواقع. أبرز ما يميز تلك
الرؤى وهي طبيعتها في التعددية للتخصصات العملية، وأيضا التخصصات المتداخلة التي لا
تعترف بالحدود التقليدية لفروع العلم المختلفة، وهي فوق ذلك تمضي قدمًا نحو إسقاط الحواجز
بين الثقافة الأدبية (أو ثقافة الإنسانيات) والثقافة العلمية (أو ثقافة الطبيعيات) لتنشئ إطارًا موحدًا
لثقافة الإنسان واسع المعرفة.
إن القدرة على توليد المعرفة ليس فقط العامل المتحكم في الثروة، ولكنه أيضا الأساس في خلق
الميزة النسبية، فالمعرفة أساسية في رفع كفاءة الإنتاج وتحسين جودة وكمية المنتج والتنوع في
المنتجات والخدمات والتسويق، ويرتبط الإنماء المعرفي في المقام الأول بالإنسان صاحب العقلية
التي تصنع التقدم. فالتنمية في أبسط صورها هي الجهد المطلوب لتحسين الحياة،