القائمقاميتان (1842- 1860)
نظام إداري سياسي، نفذته السلطنة العثمانية على جبل لبنان في كانون الأول (ديسمبر) من عام 1842، باقتراح من میترنيخ وزير خارجية النمسا وتجاوب من وزير الخارجية العثماني، صارم أفندي.
قام هذا النظام عقب نفي الأتراك للأمير بشير الثالث وتوتر العلاقات، وقيام الفتن بين الدروز والموارنة بسبب تمتع الموارنة بالهيمنة في عهدي الأميرين بشير الثاني والثالث، ويقضي بتقسيم لبنان إلى قائمقاميتين: الأولى للموارنة والأرثوذكس، شمال طريق دمشق – بيروت، مركزها بكفيا، القائمقام (الحاكم) فيها مسيحي ماروني، وإلى جانبه وكيل درزي. والقائمقامية الثانية للدروز جنوب طريق دمشق – بيروت، مركزها بيت الدين، والقائمقام فيها درزي، وإلى جانبه وكيل ماروني.
يخضع كل من القائمقامين إلى والي صيدا. وخضعت بلدة دير القمر الواقعة في القائمقامية الدرزية إلى نظام خاص يديره مديران، أحدهما ماروني والآخر درزي، كل منهما مسؤول أمام قائمقام، ودعيت بمديرية دير القمر. أبقى النظام في كل قائمقامية أقلية من الطائفة الأخرى يرعى شؤونها وكيل القائمقام.
استمر العمل بهذا النظام حتى فتنة 1860 بين الدروز والموارنة حين استبدل به نظام المتصرفية.
جسد المشروع محصلة تلاقي ثلاث إرادات دولية: إرادة فرنسا في تحقيق وطن قومي لحلفائها الموارنة، وإرادة العثمانيين في التخلص من سلطة الأسرة الشهابية، وإرادة روسيا في تحقيق وطن قومي للأرثوذكس.
لم يرض نظام القائمقاميتين أيًا من الخاضعين له، فقد استمر الموارنة يطالبون بإعادة
نظام الإمارة، واستمر الأرثوذكس يطالبون بإقامة قائمقامية خاصة بهم، واستمر قائمقام. الدروز يرفض مطالب الموارنة ويطالب بالمحافظة على حقوق إقطاعي الدروز، وإطلاق سراح زعمائهم المسجونين، فيسجن هو نفسه. كتب الأميرال دي لأسوس، الذي زار لبنان عام 1842: «إن تطبيق نظام القائمقاميتين معناه إدخال الحرب الأهلية في دستور البلاد»( [1)) د. مارون رعد، لبنان بين الإمارة والمتصرفية 1840-1961: عهد القائمقاميتين، (بيروت: دار نظير عبود، 1993)90-99.]).