أدواته1من اصل2
اهتم الدارسون بذكر أدوات الدارس وأسبابها فذكر وأعبر تاريخ هذه الأمة الطويل: آلات النسخ، مثل: المحبرة، والقلم، والسكين، والحبر، والكاغد، وأفاضوا في أهمية: تحسين الخط، وكيفية الكتابة، والإعارة، وأدب الانصراف من المجلس، ويأتي ذكر المحابر في مقدمة تلك الأدوات قال المقرئ: “سمعت أحمد بن حنبل يقول، وقد أقبل أصحاب الحديث بأيديهم المحابر، فأومى إليها، وقال: “هذه سرج الإسلام”(56)، وقال الشافعي: “لولا المحابر لخطبت الزنادق على المنابر”(57)، وقال بعضهم(58):
إذا رأيت شباب الحي قد نشأوا لا ينقلون قلال الحبر والورقا
ولا تراهم لدى الأشياخ في حلق يعون من صالح الأخبار ما اتسقا
فدعهم عنك واعلم أنهم همج قد بدلوا بعلو الهمة الحمقا(59).
وعند ذلك يجب على طالب العلم أن: لا يحضر مجلس الإملاء إلا مع المحبرة”(60)، قال علي بن المديني: “تدرون من الطفيلي في أصحاب الحديث الذي يكتب من محابر الناس”(61)، وقال أيضاً الربيع بن سليمان: “سمعت الشافعي يقول: من حضر مجلس العلم بلا محبرة كان كمن حضر الطاحونة بلا طعام”(62)، ومع ذلك فمن: “لم يكن معه محبرة، وحضر مجلس الإملاء، وكتب من محبرة الغير جاز، فإن السلف فعلوا ذلك”(63).
ومن أدوات طالب العلم: القلم، قال السمعاني: “ينبغي أن لا يكون قلم صاحب الحديث أصم صلباً، فإن هذه الصفة تمنع سرعة الجري، ولا يكون رخواً، فيسرع إليه الحفا، ويتخذ أملس العود مزال العقود، وتوسع فتحته، وتطال جلفته وتحرف قطعته”(64)، وفي شأنه قال إبراهيم بن العباس الكاتب: “القلم الرديء كالولد العاق”(65)، وأنشد أبو يعلى عبد الباقي بن أبي حصين القاضي لنفسه:
وأطلس يحكي رأسه ناب أطلس ألم به السكين في موضع الذبح
موشي كأن النحل حاكمت قميصه بأرجلها حتى تعرى من القبح
تراه مكبا يجتني حندس الدجى ويطرحه نثراً على صفحة الصبح(66)
“وأكثرهم قدم القلم على السيف وفضله عليه”(67)، قال الشاعر(68):
يبكي ويضحك خصمه ووليه بالسيف والقلم الضحوك الباكي
والدر والدري خافا جوده فتحصنا بالبحر والأفلاك(69).