إن الفكر المبدع ليعتبر من أعلى الإنجازات الإنسانية مرتبة، ولأهميته العظيمة في حياة الأمموالشعوب، وما يحققه الفرد من إنجازات حضارية وما نشاهده من تقنيات ومخترعات وأنظمة وقواعد وقوانين تنظم حياة الناس، كان الاهتمام منذ القدم بدراسة الإبداع حيث لم تكن في البداية دراسة علمية منهجية دقيقة، فقد كان الناس ينظرون للمبدعين سواء كانوا علماء أو كتاب أو شعراء أو رسامين على أنهم يتمتعون بقدرات خارقة غير عادية تميزهم عن غيرهم ممن لا يملكون تلك القدرات .
وقد تكون هذه النظرة سبباً من الأسباب التي وقفت حاجزاً عن إمكانية التوسع في دراسة الإبداع في ذلك الوقت بطريقة علمية وموضوعية .
حيث اقتصرت الدراسات السابقة على بعض الملاحظات، واعتمدت على بيانات مستمدة من التأمل الذاتي والاستبطان وسرد الأحداث الماضية وكتابة التقارير الذاتية التي مرت بالفرد، وهذه البيانات لا يمكن إخضاعها للتجربة العملية لإثبات صحتها.
المبحث الأول
مفهوم الإبداع والابتكار
لمحة تاريخيه عن مفهوم الإبداع (Viewing Historical About Concept Of Creativity)
لقد ظهر الاهتمام بدراسة الإبداع في نهاية القرن التاسع عشر، حيث قام كل من بيّنيه وهنري (1896م) بدراسة موضوع الإبداع بصفته أحد جوانب الذكاء، وقدموا عدداً من الاختبارات كان من ضمنها اختبارات ترتبط بالخيال، وقد طلب بيّنيه من مجموعة من الأطفال أن يقوموا بوصف ما يرونه داخل بقعة من الحبر لقياس مدى الخيال الذي يتمتعون به، ولكن بّينيه وزملائه لم يستطيعوا إيجاد نظام معياري يعتمد عليه عند قياس تلك النشاطات يمكن الرجوع إليه، وقد تم حذفها من اختباراته.
وخلال عمل الصورة المبدئية لمقياس بينيه-سيمون للذكاء (1905م) ضُمن المقياس ثلاثة من الاختبارات ذات النهايات المفتوحة للكشف عن مستوى الإبداع، حيث تم إعطاء اختبار يتطلب ذكر كلمات ذات إيقاع متشابه،