الفصل الأول
مقدمة
على الرغم من وجود عدد من الحالات الاستثنائية ، إلا أنه يمكن القول أن معظم محاولات التصنيع في الدول غير الغربية لم تنتج أثراً يعتد به على مشكلات التخلف . وتعددت الأسباب التي قدمت لتبرير فشل التصنيع في تحقيق التحديث وتباينت الكتابات في هذا الصدد ما بين نظرية بحتة أو تلك التي تستخدم التحليل الكمي للبيانات ، وهو ما يشير إلى نقص في تحليل حالات بعينها ـ الأمر الذي يفوت الفرصة للتركيز بصورة أدق على المشكلات المحيطة بعمليات التصنيع في العالم غير الغربي . بأخذ ما تقدم في الاعتبار ، فإن هذه الدراسة تتناول المحاولة الطموحة للتصنيع التي بدأت في مصر خلال عشرينيات القرن العشرين تحت رعاية البنك الأول الذي تم تمويله وإدارته بالكامل من قبل مواطنين مصريين ، وهو بنك مصر . وعلى الرغم من بداياته الناجحة ، فإن جهود البنك في مجال تشجيع التصنيع وقفت قاصرة عن بلوغ هدفها المتمثل في تقليل اعتماد الاقتصاد المصري على إنتاج القطن طويل التيلة وخلق قطاع اقتصادي متطور .
فمنذ تأسيس البنك في الثالث عشر من أبريل عام 1920 ، لم يكن الهدف إنشاء بنك تجاري عادي وإنما كان مؤسسوه يأملون قيامه بدور ممول الصناعة الوطنية المصرية ، وكمركز لمجموعة عملاقة من الشركات ـ كلها تحمل اسم مصر . وبناء عليه ، كان المتوقع من البنك أن يكون بمثابة القوة المحركة في اتجاه خلق قطاع صناعي حديث في الاقتصاد المصري .