فبالرغم من كونه ليس عدائياً بالضرورة للتنمية الصناعية في مصر
، فإن نوع الشركات المساهمة التي توسع رأس المال الأجنبي في إقامتها في عقد الثلاثينيات كان يهدف بالأساس لخدمة مصالحه الخاصة وليس لتحفيز نمو اقتصادي متوازن في مصر بالضرورة . وعلاوة على ذلك ، فإن عدم قدرة مجموعة شركات مصر على إثبات ذاتها كمؤسسة فاعلة مستقلة عن السيطرة الأجنبية وكذا عدم قدرتها على خلق قطاع دائم في الاقتصاد المصري يثير السؤال الهام حول المدى الذي يمكن أن تذهب إليه التنمية الصناعية في الدول الأقل نمواً ، أخذاً في الاعتبار قيود السوق العالمية وكذا طبيعة المجتمع قبل الرأسمالي الذي يجب أن يجرى فيه التصنيع ، هذا فضلاً عن أن التغير في نظرة المركز لمصر على أنها مصدر لمواد خام وسوق لسلع مصنعة ، إلى مصدر لاستثمارات مباشرة في مؤسسات صناعية ، أجبرت العناصر الوطنية داخل مجموعة شركات مصر على البحث عن أرضية مشتركة مع رأس المال الأجنبي خلال عقد الثلاثينيات ، كما رفع ذلك من أسهم القطاعات ذات الميول الأوروبية والتي كان حماسها نحو سياسات التصنيع من البورجوازية المصرية داخل المجموعة وباقي أهداف العناصر الوطنية . وبالتالي فإن العداوة بين رأس مال محلي ملتزم بالتصنيع وبين رأس مال أجنبي ـ والذي كان متواجداً خلال عقد العشرينيات والفترة الأولى من الكساد الكبير ـ خفت بنهاية عقد الثلاثينيات . وهكذا فإذا كانت الحالة المصرية لا تتطابق مع فرضية مدرسة التبعية السالف الإشارة إليها ، فإنها لا تدعم الفرضية المقابلة والقائلة وجود عداوة حتمية بين البرجوازية الوطنية ورأس المال الأجنبي . ولهذا فإن نظريات الإمبريالية التي تتبع الخط الفكري للينين في تفسيره لمقولات ماركس تطرح مشكلة تقديم تحليل حتمي للتحول السياسي والاجتماعي ـ الاقتصادي في العالم غير الغربي .