وهذه الدراسة لا تدعي تقديمها لإطار نظري شامل خاص بها لفهم عملية التصنيع في الدول غير الغربية ، وإنما ترجو ـ في سياق إجابتها على الأسئلة الموضحة بعاليه ـ أن تقدم العناصر المؤسسة لمثل هذه النظرية . فبينما كان التنميط الماركسي للتحليل ذا فائدة جمة فقط كنقاط انطلاق لفهم القوى الاجتماعية التي تمخضت عن ولادة بنك مصر ونموه وتوسعه ، فإن النظريات الماركسية المتاحة عن ظاهرة التخلف والإمبريالية لم تكن لتفي بالغرض ، غير أن تركيز الماركسية على مفهوم التناقضات كان ذا فائدة كبيرة حيث أن معظم العوامل التي ساهمت في دفع عملية التصنيع المصرية قدماً في نقطة زمنية بعينها ـ كقوى السوق العالمية والطبقة المالكة للمساحات الكبيرة من الأراضي والحركة الوطنية المصرية والدولة وكذا التنافس فيما بين القوى الإمبريالية ـ ساهمت في دحضها والقضاء عليها في نقطة زمنية أخرى . ولذا فإن أحد الافتراضات الرئيسية الحاكمة للمقولات المطروحة هنا هي الأهمية التحليلية للتناقضات كمفهوم لدراسة التغير الاجتماعي . وعلى الرغم من ذلك ، فقد أثبت النموذج الماركسي صوره من حيث عدم قدرته على تقديم إطار نظري لدراسة أثر الروابط العائلية ودور الدولة وديناميكيات التفكك الطبقي داخل البرجوازية المصرية . ولذلك فإنه في تحليل هذه العوامل ، وهي ذات أثر بالغ على عملية التصنيع في مصر ، ولتلافي أوجه قصور المناهج الماركسية في دراسة التخلف ، فإنه يرجى أن تقدم هذه الدراسة مساهمة بسيطة للتراكم النظري الهائل في حقل الاقتصاد السياسي .