وعدد كبير من بيروقراطيي الحكومة من المصريين والأجانب ـ وسميت بلجنة التجارة والصناعة ، عهد إليها استقصاء القدرة الصناعية لمصر واقتراح الوسائل التي يمكن من خلالها توسيع إنتاجها الصناعي ليشمل السلع الأساسية ـ والتي شح المعروض منها نتيجة للحرب . وكانت إحدى أهم النتائج التي تضمنها تقرير اللجنة هو حاجة مصر لبنك وطني لا يكون فقط مصدراً لرأس المال قصير الأجل ( أو بنك تجاري بالأحرى ) ولكن كمصدر لرأس المال للمؤسسات الصناعية ( أو بنك صناعي في عبارة أخرى ) . وهكذا يكون تقرير اللجنة قد أضفى صبغة شبه رسمية على فكرة تأسيس بنك وطني .
انصرفنا في جل هذا الفصل لشرح الأسباب التي جعلت معظم الدعم الذي حصل عليه بنك مصر يأتي من البرجوازية الزراعية ، ولكننا قبل التحول لاستعراض التأسيس الفعلي وتطور البنك ، نرى من المهم طرح سؤال حول أسباب التخلف عن دعم البنك من قبل طبقة التجار الوطنيين . ففي ضوء أن توحد رأس المال التجاري مع قطاعات من رأس المال الزراعي قد أنتج الرأسمالية الصناعية في غرب أوروبا ، لا يتضح لماذا استثمر مثل هذا العدد القليل فقط من التجار في بنك وطني الهدف منه توسيع قاعدة نمو الصناعة الوطنية ؟