طلعت حرب وتحدي الاستعما(الفقرة من111 الى 248)

كما شهدت نهاية القرن التاسع عشر دخول طلعت حرب في الجدل الذي دار حول ماهية المجتمع الشرقي . وبينما بدت كتابات طلعت حرب خلال هذه الفترة ثقافية في طبيعتها ، فقد كان مضمونها سياسياً للغاية . وكانت أولى مشاركاته المعروفة في المجالين السياسي والفكري قيامه بترجمة خطاب أُرسل م عثمان بك إسماعيل ، سكرتير السلطان العثماني ، لمؤتمر المستشرقين المنعقد في باريس في 1894 من الفرنسية للعربية . وكان هذا الخطاب رداً على الموضوع الرئيسي للمؤتمر وهو أن الإسلام انتشر عن طريق استخدام القوة ، وكان هذا الادعاء أن الإسلام انتشر بالغزو وليس بسبب الاقتناع بمزاياه من قبل أتباعه ، قد استتبع ردود أفعال غاضبة من الوطنيين أمثال طلعت حرب .

طلعت حرب وتحدي الاستعمار1
طلعت حرب وتحدي الاستعمار1

وقد جاءت ترجمة طلعت حرب تحت عنوان ” كلمة الحق عن الإسلام والدولة العثمانية ” . فخلال هذه الفترة ، ارتأى طلعت حرب دوره كمفكر مصري يقف موقف المدافع عن رجالات دولته في وجه أفكار المستشرقين الغربيين الهدامة ، فجاء كتاباه خلال هذه الفترة عن موقع المرأة في المجتمع الإسلامي . وبينما كان الهدف المباشر لهجوم طلعت حرب هو الرؤى التي عبر عنها قاسم أمين في كتابه تحرير المرأة ، فقد كان يهاجم كذلك ـ ولو بطريقة غير مباشرة ـ دراسة وضعها مستشرق فرنسي عام 1854 كان يهدف فيها للحط من قدر المجتمع المسلم من خلال التعرض لوضع المرأة في الإسلام .
وعلى الرغم مما عرف عن الطبيعة المحافظة لطلعت حرب طيلة حياته ، فإنه لم يكن يرى كتاباته حول وضع المرأة في الإسلام كرد فعل . بل إنه من عدة نواحي ، لم يكن يرى أن كتاباته عن المرأة تقتصر على وضع المرأة فقط ، وإنما كان يرى في نفسه الرد على محاولات المفكرين الغربيين تقويض تركيبة المجتمع المصري من خلال تدمير بنية العائلة فيه . فمثلاً ، كانت إزالة الحجاب رمزاً للجهود الرامية إلى إخضاع المرأة المسلمة لأنماط السلوك والمواقف الغربية ، وبمجرد حدوث ذلك ، فإن العائلة وبالتالي المجتمع بأسره سيفقد تماسكه .

m2pack.biz