وهكذا حدث عجز في مساحات الأراضي المضافة التي تصبح تحت تصرف الأعضاء الجدد في عائلات كبار الملاك . وعلى الرغم من التراجع الكبير في عدد الموظفين الأجانب في الجهاز البيروقراطي للدولة بعد الحرب ، فقد أضحى الحصول على وظيفة حكومية أكثر صعوبة ، وبالتالي حدث تعذر في توفير منفذ للعدد المتزايد من أعضاء هذه العائلات . ونظراً للطبيعة الكاسدة للقطاع الزراعي ، فإن العديد من المصريين ، ومنهم طلعت حرب ، ارتأوا ضرورة تطوير صناعة وطنية .
وبينما كانت الأبعاد السياسية والاجتماعية كلها خلال فترة الحرب العالمية الأولى تشير لحتمية تأسيس بنك وطني ، فإن الدافع الرئيسي وراء اتخاذ هذه الخطوة كان ثورة 1919 . فعلى الرغم من أن خطط إنشاء مثل هذا البنك كان تمحل دراسة قبل قيام الثورة ، فإن حدوثها شجع طلعت حرب ورفاقه على إنضاج أفكارهم . ولم يقتصر تأثير الثورة فقط على تسهيل تأسيس بنك مصر ، وإنما نتج عنها كذلك دعم وطني قوي للبنك وهو ما كان في غاية الأهمية للحفاظ على كيان البنك خلال السنة الأولى العسيرة من تشغيله .