ففي ضوء المشكلات الزراعية التي واجهتها مصر في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، تولد حافز قوي لدى أعضاء البرجوازية المصرية في أعقاب جزء من استثماراتهم من الزراعة للصناعة . غير أن الاستثمار في المشروعات الاقتصادية في الدول العربية الأخرى كان ينطوي على درجة عالية من المخاطرة كما أنه لم يكن بمقدور كبار المتعاملين في السوق المالية مثل إسماعي صدقي وأحمد عبود الإلمام بهذه الأسواق الخارجية . ولهذافقد مثل قرار طلعت حرب بتوسع مجموعة شركات مصر في الدول المجاورة سياسة خلاقة بحق . وحيث مثل انغماس بنك مصر في الشئون الاقتصادية للعالم العربي ركزية غالباً ما يتم إغفالها وهي البعد الاقتصادي في دراسات القومية العربية كما يدحض فكرة أن التعاون الاقتصادي العربي لم يحظ بالقبول سوى مع ظهور النظم الراديكالية القومية العربية في أعقاب الحرب العالمية الثانية .
يكمن تأسيس وعي طلعت حرب بالوحدة العربية في عوامل ثلاث : الأول ، وكان يتعلق بجذور أسرة طلعت حرب العراقية ( تم استعراضها في الفصل الرابع ) . وكما هو الحال مع العديد من العائلات البدوية المعروفة ، مثل عائلة الباسل في الفيوم وعائلة لملوم ـ المصري ـ السعدي في المنيا ، وكان من الواضح أن عائلة طلعت حرب أولت اهتماماً لأصولها العربية . أما التأثير الهام الثاني فقدكان تلقي طلعت حرب لتعلميه في القاهرة وخصوصاً في مدرسة الحقوق الخديوية ، حيث أصبح صديقاً لعدد من السياسيين وأعضاء الحزب الوطني والمصريين المهتمين بشئون الوحدة العربية والوحدة الإسلامية .