طلعت حرب وتحدي الاستعما(الفقرة من224 الى 248)

ولم يقم العديد من ملاك الأراضي فقط بزيادة مساحة الأراضي المملوكة لهم وكذا ثرواتهم بشكل كبير ، وإنما قاموا كذلك بتحويل محاصيلهم من مجموعة متنوعة من محاصيل الإعاشة إلى محصول القطن فقط . ومع تراكم رأس المال لديهم ، أصبح عدد متزايد من ملاك الأراضي المحليين ملاكاً لأراضيهم عن بعد مع انتقالهم للإقامة في القاهرة والإسكندرية والمراكز الحضرية الأخرى . ومع تنامي وعيهم بمصالحهم المشكرة ، التي تركزت حول زراعة وتسويق القطن ، تكونت الصالونات السياسية . وترقى المركز الاجتماعي لملاك الأراضي المحليين كنتيجة لرأس المال المتراكم والنشاط السياسي المتزايد ، وهو ما تزامن مع عدم قدرة الطبقة الحاكمة التركية ـ الشركسية على الاستمرار في استيراد عبيد من الشراكسة ، وأدى ذلك لقيام مصاهرات بين الجماعتين وهو ما نتج عنه سقوط الفوارق العرقية التي كانت تفصل في السابق بين ملاك الأراضي من المصريين والشراكسة ـ الأتراك . وبهذا برزت طبقة كبار ملاك الأراضي من المصريين في القرن التاسع عشر ولديها حجم ضخم من رأس المال وبدرجة عالية نسبياً من التناغم الاجتماعي .

طلعت حرب وتحدي الاستعمار1
طلعت حرب وتحدي الاستعمار1

كما كانت إحدى نتائج نمو صناعة القطن هي ظهور شريحة من المصريين ذوي القدرات التقنية والذين وظفوا في مصالح الدولة المختلفة المسئولة عن إنشاء وتشغيل البنية التحتية . وقد وفر ظهور هذه الشريحة لبنك مصر وشركاته قاعدة اجتماعية يمكن أن ينتقي منها المهارات الإدارية . وكان العديد من الأشخاص البارزين في مجموعة شركات مصر مثل طلعت حرب وعبد الرحمن حمادة وغيرهما ممن انتموا لهذه الشريحة .

وبينما أثر انتشار رأس المال الأجنبي في ربوع مصر على طبقة التجار المحليين ، فقد خلق شراكة بين رأس المال الأجنبي وقطاعات معينة من طبقة ملاك الأراضي من المحليين . ومع ارتفاع أسعار وأجور الأراضي الزراعية وارتفاع أسعار القطن ، هرع ملاك الأراضي لزيادة مساحات ممتلكاتهم .

m2pack.biz