من الاطلاع إلى المعرفة :
پري در?ر أن الاطلاع كان المطلب الفكري المسبق للثورة التكنولوجية الثانية التي هيمنت عليها الآلة . كان
مجتمع الأعمال يعتبر أن العامل المسلح بمهارات القراءة الضرورية لفهم التعليمات الخاصة بالآلة هو أكثر مما
هو مطلوب لتسيير منشأة صناعية . وكان غالبية السكان يعتبرون شهادة الدراسة الثانوية استثناء وزينة لسبب
رئيس هو هيمنة عقلية « الرجل العصامي » والتحيز الملازم لها كعائق قوي مضاد للفكر في مجتمع الولايات
المتحدة . وفي الواقع فإن المراقبين الأجانب قبل الحرب العالمية الثانية كانوا مندهشين لأن عدداً كبيرا ً من
الأمريكيين يفتخرون بكل محدودية أن أربعة عشر من رؤساء الولايات المتحدة لم يكونوا أبدا ً خريجين
جامعيين .
أوضح دركر أن التركيز في المذهب الصناعي القديم كان على الأشياء والمنتجات ، أما في الجديد على الأفكار
والمعلومات . وهناك فرق واحد بين التكنولوجيتين القديمة والحديثة هو على سبيل المثال الوضع المتغير لحملة
إجازة الدكتوراة في عالم الأعمال ، فقد علم دركر أن ألفريد برادلي Alfred Bradley كبير نواب الرئيس
في شركة جنرال موتورز GM في أربعينيات القرن العشرين لم يصرح بإجازته لأن تسجيلها في سجلات
الموظفين الذاتية قد يكون سبباً للإحراج ، أما اليوم فإن الشركة ستعامل حامل الإجازة الموهوب کرئيس دولة .
لم يكن الإنتاج الزائد في الثورة التكنولوجية الثالثة على رأي درگر بسبب الآلة بل لأن المعرفة دخلت في
تصميم العمل . والنتيجة هي أن ” باستطاعتنا لأول مرة في التاريخ البشري أن نستخدم عدداً كبير اً من
المتعلمين بصورة إنتاجية ” . لقد أصبحت المعرفة النظرية مع الأخذ البدهي بالمهارات الاطلاعية شرطاً لازم اً
في النظام المجتمعي الاقتصادي . في المجتمع الصناعي السابق ذي الإنتاج الهائل كان يكفي عدد قليل من
المهنيين ( من محامين ومحاسبين ومهندسين ) مبعثرين هنا وهناك من أجل تقديم الدعم للموظفين ، ولم يكن
لحذفهم من المسرح الاقتصادي سوى أثراً هامشي اً فقط على نتائج شركة الأعمال ، أما اليوم فالمهنيون يعدون
أقلية في القوى العاملة .