بقلم
جمال بسيوني
التعليم المصري.. إلى أين؟
لم يعد خافيا على أحد ما يعانيه التعب المصري من مشاكل أدت إلى تراجع مستوى الخريجين، وبالتالي إلى زيادة البطالة وتراجع مستوى المنتج المصري بالمقارنة بمنتجات دول أخرى حديثة العهد بالتعليم.
ورغم المحاولات العديدة على مدى عقود مضت لتطوير التعب فإن النتائج كانت مزيدًا من تدهوره.
ونظرة سريعة إلى الدول التي حققت طفرات اقتصادية ملحوظة في العقود الأخيرة تظهر أن التعليم المتطور كان القاطرة التي قادت منظومة التنمية في تلك البلاد. فهل عجزت مصر عن تطوير التعليم؟ وما هي الأسباب التي أدت إلى وصول التعليم إلى ذلك المستوى المتراجع والترتيب الدولي المتدني خلف دول عديدة مجاورة ظروفها وتاريخها أقل منا بكثير؟
والجواب أن كل محاولات التطوير بالفعل فشلت بل أدت إلى المزيد من تراجع مستوى التعليم.
والسؤال الأهم: هل يدرك المسئولون خطورة وضع التعليم في مصر وخطورة ذلك على مسيرة التنمية والنهضة المرجوة؟
أعتقد أن المسئولين على وعى بذلك، ولكن هل هذا الأمر على رأس أولوياتهم؟
الواقع أن حجم الاهتمام بالعملية التعليمية وإدراك خطورة بقاء الأوضاع على وما هي عليه ليس بالمستوى المطلوب ولا بالأمر المبشر.
لا شك أن الاستقرار الأمني والاقتصادي عاملان أساسيان لانطلاق مسيرة التنمية. ولكن لابد أن يواكبهما وبنفس الأولوية تطوير التعليم الذي هو أساس التنمية البشرية والذراع الأخرى للتنمية الاقتصادية وبدونهما لن تكون هناك نهضة ولن يكون هناك استقرار.
إن غياب أهداف العملية التعليمية وغياب التنسيق مع المستهلك النهائي للمنتج التعليمي من تجار وصناع ومقدمي خدمات، تسبب في تراكم خريجين لا يجيدون مما تتطلبه سوق العمل وتراكم وظائف كثيرة شاغرة ونقص في الموارد البشرية المتخصصة والمدربة في كثير من المجالات وخاصة المجالات المهنية.
لذا، ما هو المطلوب الآن انطلاق عمليه تطوير شاملة للتعليم من كل جوانبه؟
أعتقد أن البداية بالتحضير من خلال لجان متخصصة تقوم بتحديد مشاكل التعليم بشكل مفصل وبالحلول المقترحة، وإعداد ذلك في أوراق عمل تكون أساس ومنطلق لمؤتمر دولي لتطوير التعليم في مصر يتم فيه دعوة الدول التي عانت مثلنا من تدهور التعليم ثم استطاعت أن تنهض به. ودراسة تجاريها الناجحة واستلهام تلك التجارب والاستفادة منها.
وكذلك دعوة المتخصصة من البلاد التي يمكن أن تساعدنا في تطوير منظومة التعليم وكيفية الارتقاء بمستوى المناهج التعليمية وطرق التدريس والتقييم التي هي أساس التدهور في نظام التعليم المصري.
كما أن المشاركة المجتمعية في كل مراحل تطوير العملية التعليمية ومن جميع الأطراف ضرورة ملحة في تلك المرحلة حتى تستطيع النهوض من تلك الكبوة الحضارية التي نحن فيها الآن.
ونحذر من سلوك نفس الطرق السابقة أو إشراك الأشخاص الذين تولوا تلك المسئولية من قبل، فقد أثبتت التجارب ضيق أفقهم وتخلف إمكانياتهم وافتقادهم الإبداع، فيجب استبعاد كل هؤلاء، وأولهم مسئولي التطوير بوزارة التربية والتعليم التي تعتبر السبب الرئيسي في تدهور التعليم في مصر على مدى أربعة عقود مضت. وان يوكل ذلك الأمر للمجلس الاعل للتعليم قبل الجامعي عليان يضم في عضويته ممثلين عن كل أطراف العملية التعليمية من طلاب ومدرسين وموجهين وخبراء تربية وممثلين
عن الغرف التجارة والصناعية.
ونتائج في العدد القادم «بعض أسباب تدهور التعليم في مصر والحلول المقترحة».
الإيكونوميست المصرية
نوفمبر 2015