«ملك المور» لعمر الأنصاري.. رواية تاريخية بامتياز تسائل الزمن المغربي
حفل المغرب بأحداث جسيمة منتصف القرن ال16، أي ما بعد سقوط الأندلس بعدما أصبح قبلة لأطماع جيرانه الأوروبيين (الإسبان والبرتغال)، الذين عاشوا نشوة نصرهم على العرب في الأندلس وباتوا يفكرون، بل ويمدون خطاهم نحو شواطئ المغرب للانقضاض عليه وإلحاقه بالأندلس.الأحداث، التي بقيت تهدد المغرب ل80 عاماً بعد سقوط الأندلس، بل وتهدد كل المشرق العربي حينها، بعد أن عزمت إمبراطورية البرتغال حينها، والتي احتلت شواطئ العالم، على غزو المغرب واحتلاله، ثم المضي قدماً نحو مصر ومقدسات المسلمين.من هذه الأحداث يستقي عمر الأنصاري روايته الجديدة «ملك المور» الصادرة عن المركز الثقافي العربي في بيروت أخيراً، والتي نسجها من تلك الأحداث التي كانت ساحتها أوروبا الداعمة لغزو المغرب والمشرق، والمغرب الواقع تحت ملوك ضعفاء، وعاصمة الخلافة الإسلامية الأستانة، الطامعة كذلك في ضم المغرب إلى البلاط. ومن خلال الأحداث السريعة والمتلاحقة في الرواية الواقعة في 208 صفحات، يمضي القارئ مع بطل الرواية، الأمير المغربي عبدالملك السعدي، الذي رأى الخطر الذي يتهدد المغرب، والأحداث المتلاحقة والخطرة، ليمضي في مغامرة طويلة في رحلة لاستعادة ملك المغرب من ملكه الضعيف، الذي حالف البرتغال وملكهم شواطئ البلاد، بعد أن عاهدوه على حمايته من العثمانيين الطامعين كذلك في ضم المغرب بمثل ما ضموا الجزائر وتونس وطرابلس الغرب حينها.وتمضي الأحداث والتحديات والخيبات أمام البطل، الذي اتكأ في معركته ومغامرته على الشعب المغربي حينها، أو «شعب المور» كما يطلق عليه، الشعب المكون حينها من اثنيات وأيديولوجيات مختلفة، فكان مكونه العرب والأمازيغ والأندلسيين، واليهود الفارين من الإبادة في الأندلس، إضافة إلى عناصر أفريقية ومسيحية لا تحصى. وتأتي المفارقة في العمل، حين نرى البطل الساعي لاستعادة ملك آبائه والنجاة بالمغرب، اعتمد في ذلك على قادة حرب ليسوا عرباً، بل من جنسيات أعدائه، وهما جؤذر الأسباني، ورضوان البرتغالي، وكلاهما مشكوك في إسلامهما. ناهيك عن العناصر الفاعلة في المغرب، التي شاركت في إشعال الحماسة، والدفاع عن المغرب، وبينهم شخصيات دينية سلفية وصوفية، إضافة إلى قادة المجتمع اليهودي في المغرب.الرواية التي قدمها الأنصاري، وهي عمله الرابع، تعد تاريخية بامتياز، لكنها حتماً ستطرح تساؤلات كثيرة عن ذلك الزمن وأحداثه والتأثيرات التي تركها على المغرب لاحقاً، حين كان المغرب يواجه مصيره وحيداً، المصير الذي كاد يلحقه بالأندلس في الضياع، ليصيغ في بطل لا نكاد نسمع عنه، بطولة حاولت الرواية نفض الغبار عنها.