اليورو يحتفي ب”عيد ميلاده” ال20
قبل 20 عاما في 1 يناير عام 1999، أصبح اليورو عملة رسمية ل11 دولة في الاتحاد الأوروبي، ومر منذ ذلك الحين بتحديات رافقت التطورات السياسية والاقتصادية في القارة العجوز والعالم.
ويعد “اليورو” إحدى زهور التكامل الأوروبي، وسبقت ظهوره ترتيبات طويلة من قبل الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تأسيس الاتحاد النقدي المعني على وجه الخصوص بتنسيق السياسات الاقتصادية والمالية لأعضاء الاتحاد.
ويتداول اليورو اليوم كعملة رسمية في معظم دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الأعضاء ال19 لمنطقة اليورو، وكذلك دول خارج الاتحاد، ودول صغيرة مثل أندورا وموناكو والفاتيكان.
وكانت طريق اليورو مليئة بالتحديات منذ البداية، إذ واجه اقتصاد الاتحاد الأوروبي بعد عدة سنوات من وضع العملة الجديدة ضربة موجعة جراء الأزمة المالية العالمية، مما أدى إلى هبوط الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في عام 2009 بمقدار 4.5%، علاوة على ارتفاع مستوى البطالة وتباطؤ وتائر التضخم وتفاقم مشاكل البنوك.
واضطرت هذه التطورات قيادة الاتحاد إلى وضع برنامج لمساعدة النظام المصرفي في دوله الخمس الأكثر تضررا جراء الأزمة، وهي اليونان وإيرلندا والبرتغال وإسبانيا وقبرص، وانتهى هذا البرنامج في أغسطس 2018 مع توقيف تقديم القروض إلى أثينا.
وأصبحت تلك الدول على وشك الإعسار، ولو حصل ذلك لكان الغموض يلف مصير العملة الأوروبية.
وكان الكثير من المحللين يتحدثون خلال هذه المرحلة عن خطر انهيار منطقة اليورو، لكن الوضع تحسن تدريجيا، ولا يزال الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة ال19 في النمو المستمر منذ عام 2014 حسب الإحصاءات الرسمية، وتتوقع المفوضية الأوروبية أن يستمر النمو في عام 2019 مع تحسن أهم المؤشرات، مثل وتيرة التضخم ومستوى البطالة.
وأكد المتحدث باسم البنك المركزي الأوروبي لوكالة “نوفوستي” الروسية إمكانية توسيع قائمة أعضاء الاتحاد النقدي الأوروبي خلال سنتين – خمس سنوات مقبل، موضحا أن الحديث يدور عن بلغاريا وكرواتيا، فيما لا يتوقع الخبراء والمحللون انسحاب أي من أعضاء منطقة اليورو منها في المستقبل المنظور، وخاصة في ظل الصعوبات التي ترافق عملية “البريكست” المتعثرة.
وذكر المتحدث باسم البنك الأوروبي أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يؤثر على اقتصاد منطقة اليورو، لكن ليس على استقرار عملتها، وذلك فيما تتخذ إدارة منطقة اليورو خطوات نحو تعزيز التكامل داخل الاتحاد النقدي والاقتصادي، بما في ذلك بحث مشروع الميزانية المشتركة للمنطقة ضمن إطار الميزانية العامة للاتحاد الأوروبي.
واعتقد مؤتمر Business Europe أن ظهور اليورو ساعد في تحقيق مكاسب كبيرة بالنسبة لأوساط الأعمال ومواطني الاتحاد، عن طريق تقليل المخاطر المتعلقة بتحويل العملات وتعزيز الاستقرار المالي وتهيئة الظروف الاستثمارية والتجارية الأفضل في القارة العجوز.
لكن بعض المحللين يحذرون من التفاؤل المفرط إزاء مصير العملة الأوروبية، حيث أشار كبير الاستراتيجيين الماليين لمصرف Saxo Bank الدنماركي الاستثماري، جون هاردي، إلى وجود عيب جوهري ضمن هيكل الاتحاد الأوروبي، وهو أن لدى كل دولة فيه ميزانيتها ودينها السيادي، لكنها لا تسيطر على عملتها وسياساتها النقدية.
وأوضح هاردي أن سعر اليورو غال جدا بالنسبة للدول الهامشية في الاتحاد الأوروبي مثل إيطاليا واليونان، وخاصة في ظل دينهما السيادي الملموس، لكنهما لا تستطيعان خفض قيمة العملة، فيما لا تهتم الدول المركزية في الاتحاد، وعلى رأسها ألمانيا، بتمويل عجز ميزانية زملائها المتخلفين.
من جانبه، قال كينيت واتريت، كبير الخبراء الاقتصاديين في الشؤون الأوروبية بمؤسسة IHS، ومقرها في لندن، أن الاتحاد الأوروبي لم يتمكن بعد من احتواء المخاطر المالية، ومنطقة اليورو لا تزال بعيدة عن أن تصبح منطقة مالية مثالية.
لكن على الرغم من هذه التحذيرات، رأى النور خلال العقدين الماضيين جيل جديد من الأوروبيين، وهم لم يعرفون أي نظام مالي مختلف عما هو عليه في منطقة اليورو.
وتظهر استطلاعات للرأي العام أن مستوى دعم اليورو بين الأوروبيين ارتفع من 51 إلى 64% منذ عام 2002 حتى أكتوبر 2018، مما يمثل أعلى مستوى دعم سجلته العملة الأوروبية في تاريخها، فيما يعتبر 25% من المستطلعين أن اليورو يؤثر سلبا على دولهم.
المصدر: نوفوستي