«مستجد» لافت في المزاج الأردني: ترحيب بخبير ألماني كلف بإنقاذ «الملكية للطيران» وهجمة على «الكفاءة المحلية»
عمان «القدس العربي»: بجرة قلم أصبح خبير الطيران الألماني ستافان بيشلر نجماً في وسائط التواصل والشارع الأردني بعد اختياره رئيساً تننفيذياً لشركة الملكية الأردنية للطيران خلفاً للكابتن سليمان عبيدات في تعيين مثير للجدل لحق بتعيين عمدة العاصمة الاسبق الشهير عقل بلتاجي نائباً لرئيس مجلس الإدارة.
بيشلر الذي قاد شركات طيران دولية عدة ويقال ان بعضها خاسرة سيحظى حسب تسلسل الأنباء براتب ضخم بالمواصفات والمقاييس الأردنية لكن إدارة الملكية وتحديداً رئيس مجلس الإدارة سعيد دروزة تتحدث عن قرار حظي بالإرادة السياسية بعدما تبين بان الملكية تحتاج لإجراءات حقيقية ذات بعد إنقاذي وتتميز بالجرأة.
اللافت جداً في قرار تعيين الألماني بيشلر انه ولأول مرة وبصورة نادرة لقي بعض التأييد الشعبي خصوصاً على وسائط التواصل فقد غابت تلك الآراء الكثيفة التي تعتبر تعيين الأجانب والغرباء إساءة للوطن ومساساً بالكفاءات الوطنية.
بعض الآراء التي تداولها الأردنيون كانت جريئة وهي تطالب بتسليم مؤسسات وشركات البلاد برمتها لخبراء أجانب أملاً في إنقاذ الإدارة العامة خصوصاً وان بعض الشركات الكبيرة مثل الملكية متعثرة وتحتاج لحلول إنقاذية وتواجه تحديات كبيرة كما قال دروزة للموظفين بقرار تعيين بيشلر الذي يقال انه قد يتقاضى ما يصل إلى مليون يورو سنوياً.
مستوى تفهم تعيين من هذا النوع شعبياً وسياسياً بدا مستجداً سياسياً في غاية الأهمية في الحالة الأردنية والسياسية فحجم الاعتراض على الاستعانة بالأجنبي كان ضئيلًا جداً ونزعات الشوفينية الوطنية غابت عن المشهد. وعلى العكس تماماً قراءة تعليقات بسطاء الأردنيين وبعض مثقفيهم تظهر تلاقياً لبعض الأفكار عند المواطنين وعند صاحب القرار في تعيين شخص ألماني على رأس مؤسسة مهمة جداً فتلك التعليقات تحدثت عن «وقف الواسطات» والهدر المالي المجاني و«تشغيل من لا يعمل» من موظفي الشركة و«طرد من لا يعمل» وتقليص الكادر والعمل على اساس ربحي والأهم «القضاء على فكرة التذاكر والمقاعد المجانية لعلية القوم».
أغلب التقدير ان مجلس إدارة الملكية أراد التخلص من تلك المظاهر الإدارية التي يتسبب بها دوماً «الأردني» نفسه في الوظيفة العليا لكن حجم الاحتفال بالألماني بيشلر اظهر حجم الاستياء وعدم الثقة بما يسمى بالكفاءات الوطنية خصوصاً أن مديرين سابقين للملكية لديهما الآن ملفات قيد التحقيق فيما يقال ان خيارات الحكومات المتعاقبة في رئاسة مجلس الإدارة كانت دوماً تكرس عجز الخيارات وغياب الأرباح.
لافت في السياق ان مقولات معلبة من طراز «لا يحرث الأرض إلا عجولها» غابت تماماً عن هذا الحدث خصوصاً أن أجواء تأييد القرار أملاً في إنقاذ الملكية للطيران عكست حجم تراجع الثقة بالمسؤول المحلي خصوصاً في مجالات الإستثمار والإدارة. لكن الجدل الإداري والاقتصادي والمالي لا يقف في الحالة الأردنية عند هذا الحد فقد وجه رئيس مجلس النواب عاطف طراونة مجدداً جملة نقد حادة لإدارة الحكومة المالية أمس الإثنين على هامش تقييم اجتماعات الفريق الاقتصادي والمالي مع اللجنة المالية لمجلس النواب.
طراونة ورغم عدم تمتعه بأي خلفية اقتصادية خبيرة اعتبر ان الأرقام التي اعلنها وزير المالية أمس حول الدين العام على الخزينة غير مقنعة متسائلاً عن سياسة رفع الضرائب ودورها في تحسين الإيرادات بصورة لم تؤثر حسب الأرقام على المديونية.
وزير المالية عمر ملحس كان قد اجتمع بمالية النواب ووضعهم بالصورة الرقمية لوضع الميزانية والمديونية في الربع الأول من العام الحالي. ووضع ملحس بين يدي الرأي العام الرقم الصادم الجديد حيث بلغت المديونية في الربع الأول 26 ملياراً و451 مليون دينار- أي تجاوزت المديونية الأردنية حاجز ال40 مليار دولار.
هذه الأرقام وحسب الوزير الأردني نفسه جعلت نسبة العجز في الناتج العام للدولة تطال ما هو أبعد من 95% وهو رقم كبير وغير مسبوق حسب ما فهمت «القدس العربي» من الرئيس الأسبق للجنة المالية يوسف القرنة الذي يرى أن وصول العجز بالناتج القومي إلى مثل هذه الأرقام برأي العديد من خبراء الاقتصاد يعني «الإفلاس الإنتاجي».
وهو وضع يعني ضمنياً بان الأزمة المالية ما زالت معقدة والوزير ملحس قد يتجه لاحقاً لاقتراح المزيد من رفع الأسعار والضرائب لتعويض ولو نسبة ضئيلة من العجز المالي.
ولعل الرئيس الطراونة على «علم مسبق» بفشل مفاوضات الوزير ملحس مع البنك الدولي بعنوان إعداد وسائل جديدة لخفض العجز في الميزانية، الأمر الذي يفسر عبارة الرجل النقدية القاسية والتي تظهر مسبقاً بان مؤسسة مجلس النواب ليست بصدد الدفاع مجدداً عن سياسات الحكومة الاقتصادية والمالية على حساب سمعة البرلمان وهيبة النواب.
لذلك يعتقد أن الطراونة وبقوله استباقاً بأن ارقام الحكومة غير مقنعة يتهيأ للسماح بتعبيرات معترضة من النواب لاحقاً بمعنى ان مجلس النواب قد يبدل ويغير في موقفه التحالفي من رفع الأسعار والضرائب على الناس لصالح الحكومة إلا اذا تم التدخل مجدداً لمنع حصول استقطاب ثنائي مجدداً بين رئيس النواب ورئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي.