الموضوع ٢٤ -٥ عمالقة المبدعين 1من اصل3
أورد “ميهاي تشيكسمنتهاي” في كتابه Creativity (١٩٩٦) نتيجتين توصل إليهما بعد إجراء مقابلات مع واحد وتسعين شخصًا – منهم علماء فيزياء ونحاتون –
قدموا إسهامات استثنائية في مجالاتهم وقد عرَّف الإسهامات الإبداعية الاستثنائية على أنها تفاعل يتم بين النظام وثلاثة من العناصر وهي:
١. ثقافة (مثل علم الوراثة أو تأليف السيمفونيات) ذات مجموعة محددة من القواعد الرمزية التي تهيمن على المشاركة في هذه الثقافة
٢. شخص لديه القدرة على التفاعل مع الثقافة بطريقة مبتكرة
٣. خبراء يعترفون بأهمية ابتكار هذا الشخص الاستثنائي ويؤكدون موافقتهم.
يغير هذا التفاعل من الثقافة بشكل ملحوظ بحيث لا تعود المشاركات اللاحقة فيها كما كانت عليه من قبل. يميز “تشيكسمنتهاي” بين هذا الإسهام ذي النقلة
النوعية والمغير للثقافة وبين السلوك البارع والمتبصر فحسب لأشخاص نابغين وقادرين على رؤية العالم بطرق جديدة.
إن شخصيات هؤلاء المبدعين العمالقة – مثل ” ستيفن جاي جولد” و”جاك أندرسون” و” نادين جورديمر” و”جون هوب فرانكلين” على سبيل المثال لا الحصر – تتطلب التزامًا فرديًّا بإتقان المجال كما تصفه “أمابيلي” في الموضوع (٢٤-٢). وبالإضافة إلى ميزتي العمل الشاق والتفاني للمجال وجد “تشيكسمنتهاي” ميزتين
أخريين مهمتين تميزان بين عمالقة المبدعين وبين الأشخاص البارعين والمتبصرين وهما: الفضول والتعقيد (١٩٩٦). أنصتوا بينما يصف الميزة الأولى (صفحة ١١):
يولد كل واحد منا بمجموعتين متناقضتين من التعليمات: الأولى تتمثل في نزعة المحافظ المقاوم للتغيير والمكونة من غرائز الحفاظ على الذات وتعظيم الذات
وتوفير الطاقة أما الثانية فهي نزعة شاملة توسعية مكونة من غرائز الاستكشاف والاستمتاع بالحداثة وحب المخاطرة – وينتمي الفضول الذي يؤدي إلى الإبداع
إلى هذه المجموعة ونحن بحاجة إلى كلتا النزعتين؛ ولكن في حين أن الأولى لا تتطلب من الفرد سوى القليل من التشجيع أو الدعم الخارجي لتحفيز السلوك
فإنه يمكن للنزعة الثانية أن تضمحل إن لم يتم صقلها.