الثقافة الشعبية وتلقائية الأشكال في أعمال المغربية حفيظة زيزي
الرباط من لحسن ملواني: لا يزال الفن الفطري يفرض نفسه في الساحة الفنية، باعتباره اتجاها فنيا له ملامحه وركائزه الخاصة. اتجاهٌ رافق التجارب الفنية التشكيلية في شتى بلدان العالم.
وإذا كانت التلقائية والمباشرة والبساطة أهم ما يتميز به هذا الاتجاه، فإن في هذه السمات مكمن قوة تعبيريته وجماليته. وقد أبدعت في هذا الاتجاه فنانات مغربيات تركن بصماتهن مجاورات لمبدعين ومبدعات في اتجاهات تشكيلية مخالفة. ومن بين هؤلاء التشكيلية حفيظة زيزي، المعانقة للفن عبر البساطة والعفوية التي يتوارى خلفها عمق خاص. تعنى حفيظة بتفاصيل المحيط مضيفة إليها ما يضفي عليها توازنات تحقق بها النسج المتسق لملامح مفردات لوحاتها.
لوحات مزروعة بأشكال هندسية حية تحمل الحرف الأمازيغي طافيا عليها متجاوبا مع وضعياتها الباعثة على استحضار الموروث البصري المعروف في القصبة والزي الأمازيغيَّيْن. وتكاد لا تخلو لوحاتها من المرأة متربعة في قلب أعمالها أحيانا، ومكررة التواجد أحيانا، لتظل بذلك المفردة الفارضة لوجودها على منجزها الإبداعي. هذا الأخير حافل برموز نجد لها علاقة بعوالم البيئة والمرأة المغربية ونذكر من ذلك:
اليد رمز لرد العين، رمز للجمال، رمز للعمل…
العين رمز للجمال للحب للتعبير عن الألم والحزن والفرح والخوف…
الزربية رمز للدفء والكرم، ورمزا للخصوصية…
هذه الرموز المفعمة بالزخرفة الشعبية تتقاطع في لوحاتها لتمنحها خصوصية تصب في قلب التراث الأمازيغي المغربي المعروف بعراقته وأصالته. فأعمالها وأعمال غيرها من المبدعين والمبدعات المغربيات تستلهم مادتها من الذاكرة الوطنية برؤيتها الخاصة للعالم.
وهي تحاول أن توائم بين الألوان الحارة والباردة في تقاربات تريح العين، رغم كثافتها وتعالقاتها. فهي تضج بالأشكال الهندسية عبر ألوان تتقارب وتتباعد وفق حسها الفني الذي بنته بتجاربها وخبرتها في المجال. ولأن الحياة الشعبية متحركة صاخبة فإن الفنانة تحاول أن تعكس ذلك بطريقتها البسيطة في الشكل والتركيب والتلوين ليتحول ذلك إلى تركيبية كلية تنبض بالحياة. فكل لوحة من لوحاتها تمثل محيطا يضج بالتفاصيل الحاملة للأحلام وأشياء لها وجود ملازم لحياتنا اليومية. فالبيئة البدوية المغربية بمؤثثاتها الخزفية والنباتية والعمرانية والتزيينية بصفة عامة. بهذه التلقائية تحاول الفنانة في كل لوحة استنبات موضوعات، عبرها تجسد مسحة إبداعية ساحرة، عبر اختياراتها الفنية الخاصة. ولعل اتجاهها مؤشر صريح ينِمُّ عن نوازع نظرتها الإنسانية المباشرة مستلهمة من ميثولوجيا التراث الأمازيغي الحاضن لتنوع ثقافي زاخر بالمعطيات التي يمكن استغلالها في التعبير الفني. فكل أعمالها تستدعي فيها موضوعات التراث الحافل بمفردات هي إبداعية بذاتها، فتكتفي بنقلها بعفوية ضمن إضافات زخرفية تضفي عليها خصوصياتها الإبداعية.
وقد راكمت حفيظة زيزي تجربتها عبر كثير من المعارض بالصويرة، وإيميلشيل، والرباط، وبني ملال، وورزازات والدار البيضاء، والرباط ومراكش… معارض أبانت فيها المبدعة عن تمسكها بالفن الفطري باحثة عن ترسيخ بصمتها في هذا المجال.