«قد لا يبقى أحد» سيرة روائية للسوري هيثم حسين
لندن «القدس العربي»: صدر حديثا للروائي والناقد السوري هيثم حسين كتاب جديد بعنوان «قد لا يبقى أحد»، وهو يمثل سيرة روائية ينطلق فيها الكاتب من تجربة اللجوء المريرة التي عاشها كغيره من ملايين السوريين الذين اضطرّوا لترك بلدهم الذي يشهد حربا دموية منذ سنوات.
وقد صدر الكتاب عن دار ممدوح عدوان للنشر، بالتعاون مع مؤسسة اتجاهات، تحت عنوان فرعي «أغاثا كريستي.. تعالي أقل لك كيف أعيش». وقد تمّ إنجاز هذا الكتاب بمنحة من اتجاهات- ثقافة مستقلة ومعهد غوتة الألماني. يصف هيثم حسين في سيرته كيف أصبحت حياة اللاجئين عبارة عن دمية روسيّة تعيد محنتها، وتنتج مآسيها المتجدّدة تباعا، وكيف أنّ عائلته انتشرت في عدد من الدول بين الشرق والغرب، حتّى بات أيّ لقاء عائليّ مفترض حلما عصيّا على التحقّق.
من مدينته الصغيرة عامودا إلى دمشق، ومنها إلى عدّة محطّات أخرى؛ دبي وبيروت والقاهرة وإسطنبول وصولا إلى لندن، يوثّق حسين في سيرته الروائيّة مفارقات من رحلته للبحث عن ملاذ آمن له ولأسرته. يناجي الروائيّة الإنكليزيّة أغاثا كريستي التي كتبت فصولا من يوميّاتها «تعال قل لي كيف تعيش» حين عاشت في الثلاثينيّات من القرن العشرين مع زوجها؛ عالم الآثار ماكس مالوان، في مدينته نفسها.. يقول لها: «أغاثا كريستي.. تعالي أقل لك كيف أعيش».
يحكي كيف دفعته الأمكنة الجديدة التي وجد نفسه فيها إلى الغوص في داخله، ومراجعة ذاته وأيّامه المنصرمة واستعادة ذكريات الأسى والقهر والهدر التي يحملها معه كأعباء تثقل كاهله، وهو الذي أقنع نفسه أنّ الزمن المقبل لا يحتمل المضيّ تحت أعباء تلك الأحقاد والأحزان والمآسي، وأنّه يحتاج للتخفّف من حمولتها ليتمكّن من العبور إلى غده بأقلّ الخسائر الممكنة. يتساءل الكاتب: هل السيرة قيد بمعنى ما؟ هل أكتب رغبة في تعرية ذاتي وغيري أمام مراياي الداخلية وأمام القرّاء الذين قد تستهوي بعضهم نماذج من الكتابة الفضائحية؟ هل يكون في تشبيه الكتابة بأنها فنّ التعري نوعا من المبالغة أو الإيهام أو الاتّهام؟ هل يتعرّى الكاتب وهو يدوّن أجزاء من سيرته أو حين يسرّبها في أعماله؟
كلّ البلادٍ منافٍ بعد أن تهجر وطنك. هذا ما يعيشه الكاتب ويحاول أن يلتقط بعضا من تأثيراته في سيرته التي تكون معبرا إلى أنفاق الذاكرة وكوّة لتظهير الذكريات، حيث الحياة بمستجدّاتها وتناقضاتها وغرائبها تبقى مصدر إيحاء وإلهام ومقاربة له، يترك الباب مواربا على حكايات قد تكون شرارات لأخرى في متاهة الحياة نفسها.