«ضريح الكمانات» لأسامة الزيني… بطاقة حمراء في وجه الجميع
«كنت أتجنب الخوض مع كثير من أصحاب نظرية «المؤامرة التي يديرها مسيحيو المدينة على أهلها من المسلمين» حتى لا يخرج لي من جيبه بطاقة موالاة غير المسلمين، ويشهرها في وجهي كالبطاقات الصفراء في مباريات كرة القدم، تمهيداً لتكفيري بالبطاقة الحمراء، ثم يلقنني محاضرة عن الولاء والبراء، أعلم علم اليقين أنه هو أول من يحتاج إليها، كثيراً ما كنت أؤثر السلم مع هؤلاء وغيرهم، من المتشددين والمشتغلين بالسياسة، ليقيني أن تعبيري عن رأيي الخاص مع أحدهم سيكون كافياً، إن لم يتوافق مع آرائه، لتكفيري على أيدي الجهاديين، أو غيرهم من الفصائل التي كان بعضها لا يرد أتباعها السلام على غير من ينتمي لجماعتهم لأنهم يرونه كافراً ولو كان من أهلهم وعشيرتهم الأقربين، أو اتهامي بالجهل بالسياسة على يد الفصائل الأخرى من القوميين والشيوعيين..».
هكذا تشهر «ضريح الكمانات» أحدث روايات الشاعر والروائي المصري أسامة الزيني «بطاقة حمراء» في وجه الجميع، وتحلم بأن «يحكمنا أي رجل تكون لديه خريطة طريق لتدبير قوت يومنا بأقل قدر من المعونات والتنازلات، اللازمة الآن، حتى نمتلك القدرة على الاختيار الحقيقي فلا يبتزنا هذا باسم الدين ولا يخدرنا هذا بالحديث عن القومية والدولة العربية الواحدة»، ويهرب الزيني من عوالم الكراهية الى الحب الذي يراه الحل «أنت جمهوريتي القديمة التي لم أحلم يوماً بحكم جمهورية سواها، جمهوريتي التي لا أنازع عليها أحداً ولا أختلف أو أتفق حول الدستور الذي يحدد هوية وجودي فيها مع أحد». وتجاوزت الرواية عوالم مصر لتتمدد على الخريطة العربية المبللة بالخيبات، وعلى الرغم من ذلك، ومن تنقلها بين أزمان مختلفة – وإن كانت متقاربة- فهي دفقة شعورية حادة تختصر الزمن في لحظة خيبة واحدة.
وعن الرواية يقول الزيني: «أعلم أن ضريح الكمانات رواية تضع نفسها في حالة عداء مع الجميع لاصطدامها في كثير من مراحلها ببعض المعتقدات الشعبية لدى الناس، والثوابت السياسية لدى الأحزاب، والممارسات الاجتماعية، والأوهام التي مرت إلى عقولنا حديثاً باسم الثورة، وأيضاً بكثير من أصحاب الأفكار الراديكالية الإقصائية، ونفر آخرين يبتزوننا باسم الثورة لنقول ما يشاؤون، لكنْ في الأخير لا يليق بالكاتب أن يتحول إلى حائك، يخيط ما يعجب الناس ليرضيهم ويغازل مشاعرهم، حتى إن كان الذوق العام حوله فاسداً، وأنا في الأخير أراهن على ضمير القارئ الوطني، وحسه الأخلاقي، وأخاطب فيه داخله الإنساني وقاسم المواطنة المشترك بيننا جميعاً، الذي أراهن عليه في وصولنا جميعاً إلى لحظة أكثر تصالحاً مما نعيشه الآن من شَرذَمة وتمزيق».
يذكر أن «ضريح الكمانات» أول رواية تنشر للزيني داخل مصر بعد مسيرة من الجوائز منها جائزة الشارقة للإبداع العربى للشباب عن روايته «أنا وعائشة» من الإمارات العربية المتحدة، وجائزة الألوكة الكبرى عن روايته «أهازيج البنغال» من المملكة العربية السعودية، وجائزة دار الصدى عن روايته «شتاء جنوبي»، بالإضافة إلى قائمة جوائز عربية أخرى فى الشعر منها جائزة سعاد الصباح عام 1998 عن ديوانه «طبل الريح» من الكويت.
«ضريح الكمانات» – أسامة الزيني – رواية..- دار النسيم في القاهرة
كاتب سوداني
أسامة سليمان