اللقاء الحزين
تحت دموع السماء المنهمرة، في ظلمة الليل الدامس، ولفحة البرد القارصة، أحكم (صبري) معطفه، وخرج يبحث عن رسالة محبوبته، عله يجد بها ما يعيد إليه فرحته، ويرسم على وجهه ابتسامته.
سار يتلمس الخطى الثابتة؛ بين جنبات الطريق الموحلة، يستأنس بصديقه برفقته، لاح له منزلها بمخيلته، فشعر برعشة تنتاب جوانبه، وبقلبه يدق بنشوته، وبشوق للقاء محبوبته، لتتنسم أنفه نسمتها، وتلمس يده يدها، ويجد الأمل في بسمتها، التي لم تفارقها منذ اللقاء الأول، عندما شاهدها، فنبض قلبه بحبها؛ وتردد كثيرًا في مصارحتها؛ ولكن تردده لم يطل؛ إذ سرعان ما قرر أن ينقل إليها أحاسيسه، لتتكرر مقابلاتهما فوق زرقة مياه النيل، وبين نسيم الليل الحزين؛ المزين بضياء القمر اللامع السعيد، والأمل الوليد، ليكون الجميع شهداء على ميلاد حب جديد، حب ازداد ترابطا مع مرور الأيام، ليتذوق طعم الحياة.
كلما اقترب من منزلها ازداد قلبه نبضًا، وشعر داخله بالخوف، من ماذا لا يدري؟، إنها الليلة الأولى التي يشعر فيها بالخوف اقترب رويدا رويدا، وأرجله ترتجف، وقلبه يدق، ويداه ترتعدان، وعيناه تلمعان، بدت له من بعيد ملامحها؛ بدأ يتردد، ولكن هناك شيئًا ما بداخله يدفعه للاقتراب، لاحت له من بعيد ملامحها؛ إنها هي حبيبته، تقف بقلب دامع؛ وعيون حزينة؛ ودموع تسابق دموع السماء، ترتجف من شدة البرد، ما أن وقعت عينيها عليه، إلا وأسرعت إليه، علها تجد الأمان والاستقرار، محاولة نسيان ما جناه عليها والدها، عندما حرمها من حبيبها، الذي لم تتمن من الدنيا غيره؛ ليزداد عناده برفضه عندما تقدم لخطبتها.
السماء تبكي؛ البرق يضيء بين لحظة وأخرى؛ والرعد يسبح بحمد خالقه، وهما يتبادلان الهمس الصامت، وهى تقترب منه، وتزداد اقترابا كلما لفحت جسدها موجة باردة، لأول مره في حياتها تشعر بالأمان؛ ارتمت في أحضانه، وكأنها تروي ظمأ شوقها إليه، تجذبه إليها أكثر وأكثر، تشعر بالراحة بين يديه، يشعر بدفء مشاعرها، ودف جسدها ملتهبًا بين يديه، ساد اللقاء الصمت الحزين، من دون كلمة وداع تفرقا، وبينهما حديث للعيون، وكأنها جاءت لوداعه؛ فكان ذلك هو اللقاء الأخير بينهما، رحلت (نوال)، وتركته وحده مع ذكرى .
*صحافي وأكاديمي مصري
«Aly Afify»
علي عفيفي علي غازي