قدر الكلب 2 من أصل 2
وأيضًا فهو لا يجد إلى كل موضع جليل نظيف سبيلا فيقصر عنه، وتراه متخيرًا أبدًا أرفع المواضع في المجلس، وما يختاره له صاحبه.
ومن فضائل الكلاب والقطط أنهما يعرفان مواضع منازلهما، ويألفان مواطنهما، وإذا طُردا رجعا، وإذا أجيعا صبرا، وإذا أخينا احتملا.
وللكلب أيضًا من الفضائل: إتيانه وجه صاحبه، ونظره إليه في عينه، وفي وجهه، وحبه له، ودنوه منه، حتى ربما لاعبه ولاعب صبيانه بالعض الذي لا يؤلم، ولا يؤَثر، وله تلك الأنياب التي لو أنشبها في الأخشاب لكسرها.
– قال بعض الشعراء:
أيها الكاره الكلابَ أصِخْ لي منك سمعًا، حاول إن شئت فهما
إن في الكلب فاعلمن خصالا من شريف الفِعالِ يُعدَدن خمسا
حفظُ من كان محسنًا ووَفاءٌ للذي يتخذه حربًا وحرُسا
واتباع ودفاع عن سيده إذا ما هرب الصديق خوفا
– قال أبو بكر الصديق: «إن الرجل في البادية إذا ضل الطريق، وهاله الليل، نبحت الكلاب فيتبع أصواتها، حتى يصير إلى الحي».
إن قومًا رأوك شبهًا لكلبٍ لا رَأوْا للظلام صبحًا مُضيّا
أنت لا تحفظ العهد لخلقٍ وهْو يرعى العهودَ رَعْيًا وفيًا
يشكر القليلَ من كريم فعالٍ آخرَ الدهرِ لا تراه نَسيًا
وتناديه من مكانٍ بعيد فيوافيكَ طائعًا مُستحِيًا
إنَّ سُؤلي وبُغيتي ومُنا ي أن أراك كلبًا سويًا