بئر الكلب 1 من أصل 2
حكاية كلب البئر: حُكى أن رجلا، خرج إلى المدافن، فأتبعه كلب له، فطرده وضربه، وكره أن يتبعه، ورماه بحجر، فأبى الكلبُ إلا أن يتبعه، فلما صار إلى الموضع: وثب به قوم كانت لهم عنده طائلة، وكان معه جار له وأخ فهربا عنه، وتركاه وأسلماه، فجُرح جراحات كثيرة، ورُمي به في بئر، وحثوا عليه بالتراب، حتى واروه، ولم يشكوا في موته، والكلب مع هذا ينبح عليهم، وهم يرجمونه.
فلما انصرفوا أتى الكلب إلى رأس البئر، فلم يزل يعوي، ويبحث بالتراب بمخاليبه، حتى ظهر رأس صاحبه، وفيه نَفَس يتردد، وقد كان أشرف على التلف، ولم يبقَ فيه إلا حشاشة نفسه، ووصل إليه الروح، فبينما هو كذلك إذ مر أناس، فأنكروا مكان الكلب، ورأوه كأنه يحفر قبرًا، فجاءوا فإذا هم بالرجل على تلك الحال، فاستخرجوه حيًا، وحملوه إلى أهله، فسُمى هذا الموضع «بئر الكلب»، وهذا الأمر يدل على وفاء طبعي، وإلف غريزي، ومحاباة شديدة، وعلى معرفة، وصبر، وكرم، وغَنَاءِ عجيب، ومنفعة تفوق المنافع.
* حكاية غريبة وعجيبة:
مرّ رجل في طريقه بمقبرة، فإذا قبر عليه قبة مبنية، مكتوب عليها «هذا قبر الكلب، فمن أحب أن يعلم خبره فليذهب إلى قرية كذا وكذا، فإن فيها من يخبره» فسأل الرجل عن القرية، فدلّوه عليها، فقصدها وسأل أهلها فدلوه على شيخ، فبعث إليه وأحضره، وإذا شيخ قد جاوز المائة سنة، فسأله فقال: نعم كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن وكان مشهورًا بالنزهة والصيد والسفر، وكان له كلب قد رباه وسماه باسم، وكان لا يفارقه حيث كان، فإذا كان وقت غذائه وعشاءه أطعمه مما يأكل.