سن الشمبانزي 4 – 6
ويذكر العالم النفسي “بياجيه” كمثال لتفكير الطفل – الذي يعتبر نفسه محورا للكون – هذه الجملة المأخوذة عن طفلة في الثالثة من عمرها:”كم هو لطيف من القمر، أن يضيء لنا الكون لي” فبالنسبة لها، ليس القمر كوكبا سماويا، بعكس الضوء، بل هو لطيف، لأنه يلتفت إلينا، ويضيء لنا الكون، أو بالأحرى يضيء لها الكون، فلولا وجودنا، لما وجد القمر داعيا لاضاءة الكون، وجميع الأطفال ينطقون بمثل هذه الجمل، ويجد الأبوان سعادة في ترديدها، طوال سنوات عديدة.
العالم الكبير:
رأينا يكف يتصور الطفل الواقع المحيط به ، والذي يتحرك داخله، والآن يجب أن نتساءل عن رد الفعل الذي يسببه له هذا الواقع، والطريقة التي يستخدمها للتأثير عليه، فمن الأمور العادية بالنسبة لنا، معشر الكبار، أن نشعر باستلطاف بعض الأشخاص أو الأشياء أو النفور منهم، أو قبول بعضهم ، ورفض بعضهم الآخر، ومن الأمور العادية أيضاً أن نثور على بعض الأوضاع التي لا تناسبنا، وننتقم من الأشخاص الذين أصابونا بضرر، ونظر المودة للأشخاص الأثيرين لدينا، كذلك الطفل لابد أن يصل إلى ذلك تدريجياً، فالمولود الصغير، يعبر عن اعتراضه على بعض الحرمان الذي يفرضه عليه الواقع بالبكاء، وذلك عند غياب أمه مثلاً، أو تأخرنا في تقديم وجبته، وفي عامه الثاني، يعبر الطفل عن اعتراضه على الحرمان، أو رده على عدوان، بطريقة أكثر إيجابية، ومن الأمثلة التي تثبت هذا، أن الطفل الذي يكتشف غياب لعبته المفضلة، يذهب ليحضرها، وإذا شعر بألم عند سقوطه على الأرض، بادر بضرب الأرض، ردا على عدوانها، كما أنه يرفض تناول الحساء الذي لا يروق له.. الخ، فالطفل لم يهد يخضع للأوضاع، بل أنه يحاول تعديلها بمهاجمتها.