بن كيران يصف المشهد السياسي في بلاده ب«السيريالي»
الرباط – «القدس العربي» وصف رئيس الحكومة المغربية المعين، عبد الاله بن كيران، المشهد السياسي في بلاده ب«السيريالي»، وقال إن عرقلة مهمته بتشكيل الحكومة إهانة للمغاربة وإنه ينتظر عودة الملك محمد السادس من زيارات لدول أفريقية ليسلمه قائمة بحكومته أو يعتذر عن مهمته.
وقال بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في أنشطة حزبية أول من أمس السبت، إن حالة البلوكاج التي يشهدها مسار تشكيل الحكومة، لن يستمر والمشهد السياسي لن يبقى كما هو الآن إلى الأبد، فلا بد من حل، و»قد نعيد الانتخابات، وقلنا إننا لا نريد الإعادة، لأن الانتخابات هي لحظة مخاض صعب».
وأضاف: «أنا بصراحة أنتظر رجوع جلالة الملك، لأنه حينها، إما أن تكون لي حكومة لأرفعها له، أو لا لأقولها له أيضاً، ومن الطبيعي أن نشكل الحكومة، لكن إن وجدوا مخرجاً آخر لا ندري ما هو، فقد نتجه للمعارضة».
وأوضح ان الإشكالية الأساسية «هي ما هي القيمة الحقيقية لصوت المواطن المغربي، الناس استأمنونا على أصواتهم كي نكون في رئاسة الحكومة، لهذا وجب احترام هذه الإرادة كدولة، وإذا اقتضى الأمر أن نؤدي الثمن ليبقى رأس المواطن المغربي مرفوعا فليس عيباً». وقال إنه «لا يمكن أن يذهب الملك لتفريج كربات بعض الشعوب الإفريقية ونهينو شعبنا» وانه «لن يقبل أبداً بإهانة الشعب المغربي».
وفاز حزب العدالة والتنمية ذات المرجعية الاسلامية، بالمرتبة الاولى في الانتخابات التشريعية التي أُجريت يوم 7 تشرين الاول/ اكتوبر الماضي بحصوله على 125 مقعداً من أصل 395 وهو أعلى رقم يحصل عليه حزب مغربي منذ الاستقلال، وهو ما أهّله حسب الدستور برئاسة الحكومة وكلف العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 10 تشرين الاول/ اكتوبر بن كيران بتشكيل الحكومة، الا ان القوى المناهضة لبن كيران تحول دون تشكيل غالبية وخلقت له سلسلة عقبات ابرزها تكتل من 4 أحزاب (98 مقعداً) بزعامة عزيز أخنوش وزير الفلاحة الحالي والمقرب من المراجع العليا، فيما يرفض بن كيران التعاطي مع تكتلات حزبية متمسكا بالتعاطي مع كل حزب لوحده وان يشكل حكومته من الغالبية السابقة.
وقال بن كيران: «قالوا إن الغالبية يجب أن تكون مريحة، فوجدنا الحل حينما انضم (الاتحاد الدستوري للتجمع الوطني للأحرار)، إذن أين المشكلة»، وأنه قبل دخول «التجمع الوطني للأحرار»، و»الاتحاد الدستوري» للحكومة لكن من دون الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وقال «الحكومة تأخر تشكيلها، لأن مكوناً من المكونات يحرص على أن يدخل ضمن تشكيلتها، حتى وإن أجبر خاطره برئاسة هيئة كمجلس النواب».
وكشف أنه خلال لقائه عزيز أخنوش (رئيس التجمع الوطني للاحرار) ومحند العنصر (الامين العام للحركة الشعبية) وهما شريكاه في الغالبية السابقة، تحدثا بخصوص موقفه من مشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة المقبلة، وأبلغهما انه مازال مصراً على موقفه من عدم مشاركة حزب لشكر، وهو ينتظر الرد منهما ويتمنى أن يسير في اتجاه التخلي عن التحالف الرباعي لأجل حل الأزمة.
وقال أن «موقفه من الاتحاد الاشتراكي واحد، ولا أريد أن أذكر ب»20 مقعداً» (حصل عليها الاتحاد بالانتخابات)، لهذا فأنا أؤكد أنه في هذه الحالة ما خاصش يتهان الشعب المغربي بالالتفاف على الديمقراطية التي يسير فيه المغرب، وحنا ما جيناش باش نديرو الفتنة في البلاد، ولسنا في حاجة إلى أن يزكينا أحد لأن المغاربة يعرفون جيدا ما هي الديمقراطية فصوتوا علينا بكثافة في انتخابات 2015 و2016».
واضاف رئيس الحكومة المعين «هذه الحكومة التي قيل عنها أنها تتخذ إجراءات غير شعبية، ومورست في حقها حملة من قبل الإعلام المأجور كانت نتاج إرادة شعبية، وتجاوب معها ومع حملتها الانتخابية المواطنون، وحصلنا على غالبية مطلقة في سلا وطنجة وأكادير وفاس»، مؤكداً «هذا مؤشر للمزاج السياسي العام».
وقال بن كيران، في نشاط حزبي آخر أنه ليس من الممكن، وليس من المعقول أو المقبول أن نكون قد سيرنا الحكومة 5 سنوات بمرونة وليونة، حتى قيل إننا فرطنا في صلاحياتنا الدستورية حين ابتعدنا في ممارستنا عن منطق الصراع والغلبة عبر التعاون والتوافق، وتتم عرقلة تشكيل الحكومة بهذه الطريقة.
واضاف إنه بغض النظر عن مبادرة الملك لتعيين الأمين العام للحزب الذي تصدر الانتخابات، حيث كان يملك أن يعين شخصاً آخر من داخل الحزب، وحيث إنه استجاب للمطلب الديمقراطي، فإننا حريصون على «الاستمرار في هذا المسار، ونحن في العدالة والتنمية، والأحزاب التي كونَّا معها الحكومة سابقا وجدنا حلا بخصوص إقحام الأحرار للاتحاد الدستوري اللذين شكلا فريقا واحدا، ولم يعد هناك مشكل».
وأوضح أن «الشعب المغربي زكانا، حيث لا ينبغي أن يهان الشعب المغربي وإلا سنكون غير قادرين على تبليغ هذا الانتصار لمداه»، مؤكداً «سنكون بذلك مجبرين على الاعتذار للشعب لأن الأمر ليس لعباً، ونصارحه حينها بكون «الظروف الديمقراطية غير ناضجة».
ودعا بن كيران حزبه الى «الصمود والاستمرار في سلوكنا الراشد، لأننا لم نأت لإحداث الفتنة في البلد، حيث يبدو المسار لا يزال طويلا»، مستغربا مسلسل عرقلة تشكيل الحكومة «شي حاجة ما شي هي هاديك في هاد البلاد، في بعض الأحيان تكون الأمور واضحة نسبيا، وفي أوقات أخرى تتضبب الرؤية ويحتاج المرء إلى تدقيق النظر حتى يحسن التصرف، لأن حسن التصرف هو المقصود والنتائج لا تكون دائما فورية».
وانتقد «الحملة الظالمة» التي تشن على حزبه وعلى الحكومة التي يقودها من طرف «الإعلام المأجور الذي حاول إيهام الناس، ومع ذلك أحس الشعب به وتجاوب معه ومع حملته، وأعطاه أصواته بكثافة منقطعة النظير».
وقال «لا يمكن، وليس من المعقول لدولة تتقدم وتشعر بأنها في حالة جيدة، حيث يعلن ذلك جلالة الملك وتحدث عنه في أديس أبابا، ثم تأتي المناورات وتربك المسار»، مضيفاً نحن نعرف الناخبين الكبار وكيف يقلبون التوجه، لأنه متحكم فيهم بوجود لوبيات ومصالح، فنجد في النهاية أنفسنا أمام خسران للوطن.
وأكد بن كيران أن هناك أسئلة ثقيلة تطرح اليوم، مرتبطة بالدستور، لأن البعض يحاول الوقوف في وجه كل القرّاءات الدستورية، فهذا يعني أن الأحزاب الأخرى لا تبالي بالديمقراطية ولا تبالي بأصوات الناخبين وهذا الوضع «يجعلنا نعيش أمام مشهد سوريالي غير معقول، ولا يمكن أن نبقى ننظر صامتين، لا بد أن نتحمل مسؤوليتنا التاريخية وأن نكون معتدلين أو لا، لا يمكن القبول بهذه الأشياء، ويجب القول إن هذه الأشياء غير معقولة، ونحن قلنا هذا، وإلا سنكون مضطرين لمراجعة كل هذا الذي نقوم به».