فعاليات مدنية في الخارج تناشد العاهل المغربي التدخل العاجل للمصالحة مع الريف

فعاليات مدنية في الخارج تناشد العاهل المغربي التدخل العاجل للمصالحة مع الريف

فعاليات مدنية في الخارج تناشد العاهل المغربي التدخل العاجل للمصالحة مع الريف

الرباط – «القدس العربي»: تعالت الأصوات من أجل المصالحة وتجاوز تاريخ «الحكرة» و التهميش بمنطقة الريف شمال المغرب، بعدما تحول الحراك الشعبي الذي تعرفه المنطقة إلى حراك وطني، يقر فيه أبناء الشعب بمشروعية المطالب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحقوقية المرفوعة.
ويرى مراقبون، أن منطقة الريف، شهدت نضالات وإحتجاجات شعبية عارمة منذ طحن السماك، محسن فكري، في حاوية القمامة في مدينة الحسيمة، كان آخر تجلي من تجليات سياسات البؤس والإقصاء والتهميش، ما زالت مجهولة عند الدولة المغربية. وبأن الريف يتطالب تدخلاً عاجلاً لإقرار مصالحة حقيقية مع الريف عبر سن سياسات واقعية تشمل بالأساس تنمية المجال والإنسان.
وأصدرت رابطة الجمعيات المغربية في ألمانيا وتجمع أبناء الناضور في العالم بياناً تناشد فيه العاهل المغربي الملك محمد السادس التدخل العاجل لإجراء مصالحة حقيقية مع منطقة الريف. وذلك عبر فتح حوار مؤسساتي مسؤول مع المحتجين حول مطالبهم، وتعزيز مبادرات حسن النية وبناء الثقة والتحلي بالحكمة اللازمة لمعالجة الوضع بعيداً عن أسلوب القمع والترهيب لحل المشاكل المطروحة المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية.
ونبهت الجمعيات، إلى ما يقع في الريف من أحداث نتيجة تهميش وإقصاء دام لعقود طويلة، معتبرين أن ذلك سيسيء إلى سمعة البلاد ويزيد في احتقان الأوضاع، ما قد ينذر بعواقب وخيمة ليست في صالح أحد.
وطالب ناشطون، بضرورة معالجة الوضع ببرنامج وطني مستعجل، عادل وشامل في إطار المصارحة والمصالحة الوطنية من أجل إعادة الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، مؤكدين على كون المقاربة الأمنية لا تزيد الوضع إلا تعقيداً وتأزماً ولن تكون أبداً حلاً.
وقالت خديجة الرياضي الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الانسان ل «القدس العربي» ان منطقة الريف «في حاجة إلى مصالحة حقيقية لا يراد منها فقط الدعاية السياسية والتسويق الخارجي كما حصل في الماضي، وضع المنطقة اليوم في حاجة إلى إرادة حقيقة في الإصلاح والبناء الديمقراطي، لجبر الضرر الجماعي، وإدماج المنطقة كاملة في برنامج تنموي حقيقي، يوفر البنيات التحتية، ويضمن الخدمات الاجتماعية الأساسية في منطقة عرفت منذ عقود انتهاكات جسيمة على مستوى حقوق الإنسان».
وقال كريم اليعقوبي، كاتب إعلامي ريفي « آن الأوان لكي يتم استكمال عملية المصالحة مع المنطقة. و آن الأوان من أجل إنجاز ما سبق أن تمت المناداة به، تحقيق المصالحة الاقتصادية».
وأضاف في مقال له على موقع « اصداء الريف» الالكتروني: « إيماناً منا، فإن المصالحة الحقيقية مع الريف تمر عبر المصالحة الاقتصادية و التوجه إلى إنجاز مشاريع تنموية كبرى تجعل المنطقة تعرف إقلاعا حقيقيا نحو التنمية و تجعلها قطبا تنمويا على غرار باقي المناطق الأخرى لبلدنا و بالتالي إحداث مشاريع جديدة تعود للمنطقة بقيمة مضافة كبيرة و محدثة لفرص الشغل للشباب».
وقال محمد جلول، ناشط حقوقي ومعتقل سياسي في سجن الحسيمة: «يمكن الحديث عن مصالحة مع الريف إلا في إطار حل وطني يرضي الريفيين و ينصف الجميع يكون فيه الريف كطرف في عقد هذه المصالحة على أساس إجلاء الحقيقة حول الماضي الأليم و فتح صفحة جديدة قائمة على أسس وضمانات. أما المصالحة من جانب واحد فليس له أي معنى، و هكذا فإن أي مدخل للمصالحة مع الريف الكبير يمر بالضرورة بالإعتراف به ككيان قائم بذاته وبحقوقه الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التاريخية وحق الريفيين في تسيير شؤونهم وتقرير مصيرهم في إطار الوطن المراكشي متعدد متضامن أما من دون ذلكفلا يمكن الحديث عن أية مصالحة و ستبقى كل المحاولات لتجاوز هذه الحقيقة مستحيلة مهما كانت المحاولات».
وعرفت منطقة الريف منذ استقلال المغرب إلى اليوم انعدام الثقة بين الريف والدولة. وتعزز ذلك بعد أحداث سنة 1984 والمعروفة أيضا بانتفاضة الخبز أو انتفاضة الجوع أو انتفاضة التلاميذ، إذ ساهم توالي سنوات الجفاف وتفشي البطالة والفقر، في تعميق الهوة بين مناطق الريف وباقي جهات البلاد. و قوبلت الاحتجاجات بعنف أمني كبير واعتقالات واسعة بشكل عشوائي، إضافة إلى مقابر جماعية ما زال الحديث عنها جارياً في الريف. حينها وصف العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني أهل المنطقة ب»الأوباش».
ومع تولي الملك محمد السادس، الحكم، دخل الريف والدولة عهداً جديداً، في سياسة جبر الضرر ورد الاعتبار لضحايا «سنوات الرصاص»، بتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، سنة 2004، كجهاز غير قضائي، في مجال تسوية ملفات ماضي وانتهاكات حقوق الإنسان، بحيث تقتصر مهمتها على البحث عن الحقيقة وتقييم الضرر. ويرى مراقبون، أن حادثة طحن محسن فكري، والحراك الشعبي الذي تلاها، ليست مجرد واقعة معزولة عن تاريخ المنطقة، وتعتبر مؤشراً على إخفاق جهود المصالحة والتقارب بين المخزن والريف التي انطلقت مع بداية تولي الملك محمد السادس الحكم.
Share on Facebook

m2pack.biz