الحسد والغيرة
في حين أن الحسد يأخذ مجرى آخر ولكن بعكس الغيرة التي تكون فطريةً وتلقائيةً منذ صغرنا وتظل موجودةً في أعماقنا وتكوين شخصياتنا حتى موتنا ما دامت تحت الرقابة والتحجيم وفي حدود المعقول، يكون الحسد داءً غير طبيعيٍّ ولا يولد معنا وإنما تكتسبه النفس الأمارة بالسوء وكارهة الخير حتى أنها تمنع بظلامها الخير عن غيرها ونفسها، الحسد أن تحسد الجميع على ما هم فيه وما أصابوه من سعادةٍ أو نجاحٍ أو عملٍ أو حتى ممتلكاتٍ قد لا تهمك ولا تخصك ولا ترغب حتى في الحصول على مثلها.
ولكن الشر في نفس الحاسد يضن على الآخرين بالسعادة والفوز والنجاح، فهو ليس كالغيور أراد النجاح ففاز به غيره وإنما هو فاسد جاهلٌ ويسقط في هوة الفشل سريعًا ولا يريد أن يرى النجاح ظاهرًا على الآخرين وإنما يتمنى سحبهم معه إلى هوة الفشل السحيقة.
الحسد داء من لم يهذب نفسه ويحجمها ويروضها فشبت عن طوقه وطوعه وأفسدته بالهوى والحقد وإمارة السوء، وكما أن الحسد داءٌ فالغيرة إن زادت عن حدها والتهمت قلب صاحبها سارت به في نفس الطريق وشغلته عن نفسه بغيره وأعجزته عن النجاح ليجلس ويراقب نجاحات الآخرين ويتحسر عليها ويغذي قلبه بالحقد على من لم يفعلوا له شيئًا سوى أنهم بذلوا جهدًا أكبر أو استحقوا النجاح أكثر لا غير.