طفلي يقلد أخاه الكبير ما العمل؟!
إن محاكاة الصغار لمن حولهم وتقليدهم جزء من عملية التربية والنمو الوجداني للطفل، فمنذ البداية نجد الطفل الرضيع يبدأ في الثأثأة وتحريك فمه ومحاولة محاكاة الأصوات التي يصدرها الكبار، وخطوة بعد أخرى يتعلم الكلام. ونجده يحاكي أبويه ومن حوله في المشي والضحك والحركات، ثم بمرور الوقت يبدأ في تكوين طريقته الخاصة.
ومع وجود إخوة كبار نجد الأطفال دائما يحاولون أن يقلدوهم ويحاكوا تصرفاتهم وطريقة كلامهم وألعابهم، برغبة طبيعية في الإحساس بالثقة والتحكم، وكذلك رغبة في الانتماء لعالم إخوتهم الكبار الذين يمثلون أحياناً أبطالهم المفضلين.
لكن أحيانا يحاكي الأطفال سلوكيات غير مناسبة للمرحلة العمرية التي ينتمون إليها، فنجد الطفلة الصغيرة تقوم بوضع مساحيق التجميل كأختها الكبرى، أو ترغب في ارتداء ملابسها وأحذيتها ذات الكعوب العالية خاصة لو كان الفارق كبيرًا.
وقد تجدين صغيرك يتكلم بطريقة غير مناسبة لعمره، ويقلد مشية أخيه الأكبر أو طريقته في الكلام ويستخدم ألفاظه. لا تنزعجي عند حدوث هذا، فهي مرحلة طبيعية في نمو طفلك ودليل على تطوره المعرفي الطبيعي. فقط عليكِ أن تكوني موجودة في الجوار لتقيّمي ما يحدث، وتساعدي صغارك على التعامل مع الأمر دون أن يؤثر على نموهم أو أن يحرمهم من عيش المرحلة العمرية الحالية.
أهم ما في الأمر هو التعامل بهدوء مع الطفل ومحاولة استيعاب ما يفعله وعدم توبيخه وتأنيبه كي لا يبدأ في العناد، على سبيل المثال أذكر إن إحدى الصديقات حكت لي كيف فوجئت بابنتها الصغيرة، وعلى وجهها طبقات (ملخبطة) من مساحيق التجميل الخاصة بشقيقتها الكبرى، وفي يدها إصبع من أحمر الشفاه، وجاءت إليها متذمرة تقول: “مامي مش عارفة أظبط الروج”، عرفت الأم أن صغيرتها تقلد الأخت الكبرى التي تراها وهي تتزين وتضع مساحيق التجميل قبل الخروج إلى الجامعة، وكان ردّ فعل صديقتي أن كبتت ثورتها وبهدوء وضعت الروج على شفاه الصغيرة، ثم أخذتها إلى الحمام وغسلت وجهها جيداً. وتكلمت معها عن عدم مناسبة مساحيق التجميل للفتيات الصغار، وكيف أنها تفسد وجوههم الجميلة.
كذلك عليكِ أن تحاولي دائما خلق عالم مناسب للصغير ولمرحلته العمرية وإيجاد بيئة مناسبة له، وإشراكه في أنشطة اجتماعية مناسبة لعمره، فقد يكون التقليد أحياناً مؤشراً على عدم وجود بيئة اجتماعية مناسبة لسن الطفل أو صداقات مناسبة له، فيلجأ للخروج واللعب مع أصدقاء إخوته الأكبر كبديل لما يفتقده، وقد يكتسب منهم سلوكيات غير مناسبة لعمره أو لتطوره المعرفي.
على الوجه الآخر، قد يقلد الطفل أو الطفلة أباه أو أمه أو أبناء وبنات أعمامه أو أخواله أو حتى أعمامه وخالاته الأصغر، لذلك فجميع الأسر قد تصادف تلك المشكلة، وأحيانًا يصبح التقليد إيجابيًا فيقلده في حبه للعلم والقراءة والمعرفة وتصبح تلك الصداقة محببة ورابطة جميلة مفيدة.
وأخيراً استغلي ولع الصغار بمحاكاة الكبار ونبهي الطفل الأكبر دائماً إلى أنه قدوة لإخوته الصغار، وعليه أن ينتبه لتصرفاته دائماً في وجودهم؛ كي لا يقوموا بتقليد أي تصرف سيئ، فهذا من شأنه أن يضاعف من ثقة الإخوة الكبار بأنفسهم، ومن محاولاتهم لتحسين سلوكياتهم.