قصة الغراب والثعلب

قصة الغراب والثعلب

قصة الغراب والثعلب

يُقدّم الأهل والمعلّمون والأصدقاء وأولوا الأمر نصائحَ كثيرة، ومن هذه النصائح أنَّه لا يجب على الإنسان أن يقف ويتحدّث مع الغرباء، كما يجب أن يتبع هذه النصائح ويقتدي ويعمل بها؛ لأن الأشخاصَ الأكبر سنًّا هم أكثر علمًا وتجربة في هذه الحياة، ولا يهمهم إلَّا مصلحة الصغار وتربيتهم تربية سليمة صحيحة، وهذا ما يظهر جليًّا في قصة الغراب والثعلب.
تقول قصة الغراب والثعلب إنَّه كان الثعلب الماكر يمشي في الغابة الجميلة باحثًا عن طعام يسدُّ به جوعه، بحث هنا وهناك لكن دون نتيجة، حتى أدركه التعب وذهب ليرتاح في ظلِّ إحدى الأشجار، فأخذه النوم فنام بضع ساعات ثم استيقظ، وقد فتك به الجوع، ما إن فتح عينيه حتى لمح غرابًا في أعلى الشجرة التي نام أسفلها، وإذ بالغراب يحمل في فمه قطعة جبنٍ، تبدو شهية جدًا، وبدأ الثعلب يخطط كيف يمكنه الحصول عليها، رفع الثعلب رأسه باتجاه الغراب وبدأ يتحدث إليه، وقال له: مرحبًا أيها الغراب الجميل، ذو الصوت العذب الرائع، أنا الثعلب وأسكن هنا في غابتنا الجميلة، من أنت؟ عرفني على نفسك، و غنِّ لي شيئًا ما.
كان الثعلب الماكر يُضمِر الشرّ والخداع، ويريد أن يأخذَ من الغراب المسكين طعامَه، بعد أن قال له كلّ ذاك الكلامِ المُنَمّق ليكسب ودَّه وثقته، فيبدأ المسكين بالغناء ويسقط طعامه ويحصل عليه الثعلب بلا عناء، اغترَّ الغراب بنفسه في بداية الأمر، واعتقد أن الثعلب صادق في مديحه لشكله وصوته، وبدأت نفسه تحدثه: كم أنت وسيم ومحبوب أيُّها الطائر، وقبل أن يفتح فمه مُحقِّقًا للثعلب ما يريد، أسعفه ذكاؤه وسرعة بديهته، ومرت في مسامعه كلمات أمه عن خبثِ الثعلب ودهائه وكم أوقع بِحِيَلِهِ من ضحايا، واستيقظ الغراب من غروره، ووضع قطعة الجبن بجانبه على غصن الشجرة، وبدأ بالغناء، كان صوته غاية في القبح وهو يعلم ذلك ولكنَّه استمرَّ في الغناء ليلقِّنَ ذلك الماكر درسًا قاسيًا، سدَّ الثعلب أذنيه وأدرك أن حيلته لم تنطلِ على الغراب الذَّكي وندم أشدَّ الندم على ما قامَ بهِ من حِيلٍ ومَكْرٍ، وقرَّر عدم العودة لتلك الحيل، وقرر أن يبحث عن طعامه بنفسه، ولا يسرقه من تعب الآخرين.
وما نتعلمه من قصة الغراب والثعلب هو أنَّه يجب على الإنسان ألَّا يُصدِّق كلَّ ما يقوله الغرباء، وألَّا يفرح بكلامهم الجميل، وأن ينسى أنه من الممكن أن يحمل كلامهم الأذى، وعلى الإنسانِ أنْ يتذكَّرَ جيدًا كلَّ ما يقوله الكبار، وأن يأخذه على محمل الجد ويحمي به نفسهُ.

m2pack.biz