قصة الحمار المغرور
كان يا ماكان كان هناك فلاح طيّب وذو أخلاق حسنة يحبه كل من رآه، وكان هذا الفلاح يملك حظيرة كبيرة ومليئة بالحيوانات الأليفة، فقد كان عنده الدجاج والماعز والخراف بالإضافة للقطط والطيور وكان لديه حمارًا قويًا، وكانت هذه الحيوانات تعيش متآلفة متحابة فيما بينها فلا تجد أحدًا منها يعتدي على الآخر أو يضايقه، إلا الحمار المغرور الذي أسرف الفلاح بدلاله وحبه، لقد كان الفلاح يعتني بحيواناته جميعًا ويعاملها بلطف لا مثيل له.
وقد كان للحمار المغرور نصيبٌ من هذا الدلال واللطف، فقد كان الفلاح يحب هذا الحمار؛ لأنه سنده في الحظيرة، ويساعده على قضاء جوائجه جمعيًا فقد كان يحمل له البضائع إلى السوق، وينقل له جرار الماء من النهر إلى البيت، ويحمله على ظهره بوقت الظهيرة والحر شديد من غير أن يتأفف أويصدر أي ضجة، وهذا ما دفع الفلاح لمعاملته بلطف وحب شديدين، فقد كان يحضر له الشعير اللذيذ ويطعمه بيده ويمسح له على ظهره ورأسه وهو يتناول طعامه، ويقدم له الماء البارد اللذيذ، وإلى جانب ذلك كان لا يربطه أبدًا ولا يضع له حبلًا حول عنقه، كل هذه المعاملة الحسنة دفعت بالحمار ليصبح الحمار المغرور بدل أن يصبح طيبًا كصاحبه.
فقد كان الحمار المغرور يهزأ من أصدقائه ولا يعبَأ لأمرهم فيضحك على هذا، ويضرب هذا ويستهزأ بالآخر ولا يلقي بالًا لحزنهم أو بكائهم، وفي أحد المرات كان يسير الحمار المغرور متعجرفًا ورافعًا رأسه بتكبر وإذ به يصطدم بخروفٍ صغير، فينهره قائلًا له: لماذا تسير بالقرب مني ألا ترى حجمك الصغير، فركض الخروف الصغير باكيًا لعند والدته، فاتفقت جميع الحيوانات على الحديث مع الحمار المغرور وتنبيه عن هذا الخلق السيء، فاتهمهم بالغيرة منه ولم ينصت لما يقولونه بل ازداد غرورًا.
وفي أحد الأيام أحضر الفلاح الطيب سلةً من البيض واقترب من الحمار ومسح على ظهره كالعادة، وطلب منه أن يسير ببطء كي لا ينكسر البيض فيخسر ثمنه، وركب على الظهر الحمار واتجها نحو السوق وفي الطريق سمع الحمار صوتًا يطلب منه الحذر في السير وعدم الدعس عليه، نظر الحمار لموضع قدمه فرأى زهرةً صغيرة ومن السخف الاهتمام بها فداس عليها الحمار متقدمًا للإمام مستهزأ بحجم الزهرة الصغير، وإذ بنحلةٍ صغيرة تخرج من الزهرة غاضبةً من الحمار وتطلب منه الاعتذار منها، فضحك ساخرًا من حجمها الصغير وقال لها: أنا أعتذر منك يا صغيرة.
غضبت النحلة من الحمار المغرور وقرّرت أن تلقنه درسًا لن ينساه، فغرزت إبرتها الحادة بظهر الحمار فرفص الحمار وصرخ متألمًا، فوقع الفلاح وكُسرت سلة البيض غضب الفلاح منه وضربه عقوبةً له وربطه بالحظيرة أمام الحيوانات، فعرف الحمار خطئه واعتذر من الجميع، وعرفَ أنّ الغلبة ليست للقوة ويجب أن يتعامل الشخص بلطفٍ مع أصدقائه.