انفجار مصنع للمواد البلاستيكية … بسبب فتح خاطئ لأحد الخزانات!
الزمان: 23 نيسان 2004.
المكان: مصنع لشركة فورموسا للمواد البلاستيكية، ويقع في ولاية إلينوي الأمريكية.
الحدث: انفجارات وحرائق نجم عنها دمار معظم المصنع والمخزن المجاور له.
الخسائر البشرية: خمس وفيات، وعدد من الجرحى.
1 ■ PVC وVCM:
PVC_VCMيشير اختصار PVC إلى متعدد كلوريد الفينيل (Polyvinyl Chloride)، وكثيراً ما نجد هذا الاختصار على المنتجات التي نتعامل معها يومياً.
احتوى المصنع المنكوب على 24 مفاعلاً (خزاناً كبيراً) لإنتاج نحو 180 ألف طن سنوياً من ريزينات متعدد كلوريد الفينيل. يُصنع متعدد كلوريد الفينيل ابتداءً من المونومر كلوريد الفينيل (VCM). كلوريد الفينيل عبارة عن غاز عديم اللون وله رائحة حلوة، ويُعتبر من الغازات سهلة الاشتعال.
تبلغ عتبة شمّ كلوريد الفينيل نحو 3000 ppm لدى معظم الأشخاص، وهذه العتبة أعلى بكثير ممّا يُسمح بالتعرّض له، ولذلك لا يمكن الاعتماد على حاسة الشمّ في الكشف عن وجود كلوريد الفينيل.
2 ■ المفاعل D310 والمفاعلات المشابهة له:
وقعت الحادثة التي نتكلّم عنها إثر خروج كمية كبيرة من المونومر كلوريد الفينيل مع مواد أخرى من المفاعل ذي الرمز D310، وذلك على نحوٍ خاطئ.
كان المفاعل D310 واحداً من 18 مفاعلاً متماثلاً في طريقة العمل. اعتمدت طريقة إنتاج متعدد كلوريد الفينيل في أي من هذه المفاعلات على ضخ المونومر كلوريد الفينيل (VCM) مع مواد أخرى إلى المفاعل، وتخضع هذه المواد لظروف معينة من الحرارة والضغط حيث تجري عملية البلمرة.
عند انتهاء عملية البلمرة: يتم نقل متعدد كلوريد الفينيل من المفاعل إلى معدات أخرى لإجراء عدة عمليات كالتنقية من بقايا كلوريد الفينيل.
قبل البدء بعملية إنتاج جديدة: لا بدّ من تنظيف المفاعل من بقايا المواد التي كانت فيه، وتُستعمل المياه في عملية التنظيف. لا بدّ من طريقة لمنع فتح مفاعل ما عن طريق الخطأ:
باختصار، يوجد قفل لكل مفاعل، فإذا كان الضغط داخل المفاعل أعلى من حدّ معيّن (كما هو الحال خلال مرحلة البلمرة) فإنّ القفل سيمنع فتح المفاعل.
رسم تشبيهي يظهر فيه أسفل بعض المفاعلات.
قد تشكّل إجراءات الأمان خطراً بحدّ ذاتها، إذ يجب نقل المواد من مفاعل إلى آخر في بعض حالات الطوارئ، ولذلك يمكن تجاوز دور القفل باستعمال خرطوم هواء مخصّص لمثل هذه الحالات.
3 ■ مجريات الحادثة:
لم يكن هناك ما يوحي بالمشاكل قبيل وقوع الحادثة. كانت المفاعلات المذكورة في الفقرة السابقة تعمل بشكل طبيعي (حينها كان يتمّ تنظيف المفاعل D306 أما بقية المفاعلات فكانت في مرحلة البلمرة).
أدرك العمال خطورة الوضع عندما سمعوا صوتاً غريباً، وقد شمّ بعضهم الرائحة المميزة لكلوريد الفينيل.
توجّه مشرف الوردية فوراً إلى غرفة التحكّم لقراءة الأجهزة الكاشفة لغاز كلوريد الفينيل، وقد أشارت هذه الأجهزة إلى تراكيز مرتفعة من الغاز في جو العمل. بعد ذلك، أدرك المشرف أن المفاعل D310 هو مصدر الغاز.
يقول المشرف أن العمال لاحظوا انخفاضاً سريعاً للضغط في الخزان D310، وسارع اثنان من العمال إلى فحص الصمّامات والمعدّات الأخرى. حاول المشرف مع أحد العمال النزول إلى الطابق السفلي عبر درج داخلي ولكنّ الأبخرة الكثيفة لكلوريد الفينيل أجبرتهما على العودة.
مجريات-الحادثةلم يمض الكثير من الوقت حتى وقعت سلسلة من الانفجارات ونشبت الحرائق الضخمة. كانت النتيجة دمار معظم المصنع، وامتداد النيران إلى المستودع المجاور الحاوي على ريزينات متعدد كلوريد الفينيل. توفي على الفور أربعة عمال، وبعد أسبوعين توفي عامل خامس في المستشفى متأثراً بإصابته الخطرة.
استمرت الحرائق لعدّة ساعات، وكان الدخان كثيفاً لدرجة أن المسؤولين أخلوا السكان من المنطقة المحيطة بالمصنع لمدّة يومين.
4 ■ الخطأ القاتل:
وقع الخطأ القاتل أثناء قيام العمال بتنظيف المفاعل D306.
أظهرت التحقيقات أن أحد العمال فتح المفاعل D310 معتقداً أنه المفاعل D306، وما أن فُتح المفاعل D310 حتى انطلقت كمية ضخمة من كلوريد الفينيل أدّت بعد ذلك إلى الانفجارات والحرائق الضخمة.
كما ذكرنا في الفقرة الثانية، لا يمكن فتح المفاعل عن طريق الخطأ خلال مرحلة البلمرة، وذلك لوجود قفل يمنع فتح المفاعل إذا زاد الضغط داخله عن حدّ معيّن، فكيف نجح العامل في فتح المفاعل D310 على الرغم من ارتفاع الضغط داخله؟
لقد تجاوز العامل دور القفل عندما استعمل خرطوم هواء مخصّص لحالات الطوارئ فقط، فعلى ما يبدو كان العامل جازماً بأنه يفتح المفاعل الصحيح.
5 ■ توصيات:
عدم تجاوز إجراءات الأمان إلا عند التأكد تماماً من صحّة ما نقوم به.
التأكد من رموز الخزانات والمعدّات المختلفة.
التدوين على السجلات ومراجعة لوحات التحكم باستمرار، فالذاكرة وحدها لا تكفي.
توفير وسائل الاتصالات اللازمة بين العمال: لم يكن هناك أي وسيلة اتصال بين العامل الذي أخطأ بفتح المفاعل والعامل المتواجد بالقرب من لوحة التحكم.
أخذ العبرة من الحوادث السابقة أو التي كادت أن تقع:
على سبيل المثال: قبل شهرين من الحادثة المأساوية، وقعت حادثة مشابهة في نفس المصنع عند نقل محتويات أحد المفاعلات إلى مراحل الإنتاج اللاحقة قبل انتهاء عملية البلمرة. نتج عن ذلك الخطأ انطلاق غاز كلوريد الفينيل من خزان للتنقية إلى الجو. أيضاً، تمّ تجاوز دور القفل في هذه الحادثة.