المذهب أن الفرد خادم لقوة أسمى منه مسيطرة على تصرفاته وجميع أعماله ، والفرد فى هذا المذهب لا يعمل لنفسه وانما هو جزء فى الكل العظيم الذى يتطور فى كل الأزمنة ، والفرد خاضع لنظامة المحتوم وهو يظن أنه يعقل ما يريد ويتجه حيث شاء ولكنه مخدوع فى ذلك ، والواقع أن هناك قوى اجتماعية من وراء قدرته لا قبل له بها تملى عليه سلوكه وترسم له سيره ، ونفس الضمير الفردى لا يلعب فى التاريخ دورا هاما ، واذا اعترضت الميول الفردية سير الحوادث تبددت وزالت ولا يبقى أثر الا للحوادث الاجتماعية ، والفرد فى رأى أنصار هذه النظرية لا يفكر ولا يخلق وانما الوسط الاجتماعى هو الذى يفكر ويخلق ، والتاريخ حركة اجتماعية ولا يبدو معناه الا فى التطورات التى تطرأ على المجتمع ، والأشخاص فى خلال ذلك ظل زائل ومظهر بائد ، وكل الأعمال العظيمة التى استطاع أبطال التاريخ أن يقوموا بها لم تتيسر لهم الا عندما اتجهت ارادتهم الى تحقيق الرغبات التى كانت تختلج بها عصورهم وتتطلبها حياتهم الاجتماعية ، والتفسير المادى للتاريخ يرى فى تغير الأحوال المادية العوامل الفعالة فى سير التاريخ والسيطرة على كل التغيرات الاجتماعية والسياسية والأدبية والعلمية والفنية .
وانصارها هذا الرأى يرون الجبر فى التاريخ وأنه سلسلة تتلاحق فيها النتائج بالمقدمات ، وأن قوانينه صلبة لا تلين وأثر المصادفة فيه ضعيف ، والحوادث المتكررة كثيرة بحيث تتيح استخلاص القوانين المسيطرة على سير التاريخ ، ولكن لهذه الفكرة خصومها من كبار فلاسفة التاريخ ، ولكن لهذه الفكرة خصومها من كبار فلاسفة التاريخ وعلماء الاجتماع وأغلبهم يفرقون بين العلوم الطبيعية والعلوم الطبيعية والعلوم التاريخية ، لأن الحوادث التاريخية فى رأيهم شديدة التعقيد بحيث لا يمكن حصرها فى قوانين معلومة ، فضلا عن ذلك فان عناية المؤرخ على