والذي يشتاق إليه فهو معلول بما يشتاق إليه ، والعله تتقدم علي المعلول بالطبع ، فلذلك صار الاستدلال بالحركه أظهر الاشياء وأولاها بالدلاله ع الصانع جل ذكره .
ونعود فتقول : أن الحركه المطلقه للأجسام الطبيعيه هي سته : حركه الكون والفساد والنمو والنقصان والاستحاله والنقله.
وذلك أن الحركه نقله وتبدل ما .
والتبدل في الجسم ولا يخلو أن يكون اما بمكانه واما بكيفيته واما بجوهره ، أما التبدل بالمكان فاما أن يكون بكله أو بجزئه .
فإن كان بكله كانت حركته مستقيمه .. وإن تبدل بجزئه كانت حركته مستديره ، ويعرض للمستدير أن يتحرك أيضا اما من محيطه إلي مركزه ، واما من مركزه إلي محيطه ، فإن تحرك من مركزه كانت حركته ذبولا .
فأما المتبدل بالكيفيه ، فليس يخلو أن يحفظ جوهره تولا يحفظ فإن حفظ جوهره كانت استحاله وإن لم يحفظ جوهره ، كانت حركته فسادا – وهذه الحركه الاخره إذا نظر إليها بقياسها إلي الجوهر التاني ، أعني ما استحال إليه ، سميكونا .
في أن كل متحرك إنما يتحرك من محرك غيره وأن محرك جميع الاشيا غير متحرك
نريد أن نبين أن لكل متحرك بحركه من أنواع الحركات محركا سواه ، فإن محرك جميع الاشياء غير متحرك ، وأنه عله تمامها وعله حركتها فأقول :
إن كل جرم متحرك إنما يتحرك عن محرك ، ولكنه لا يخلو الجرم