أساليب التفاوض الخمسة

أساليب التفاوض الخمسة

أساليب التفاوض الخمسة

قم بالتحضير الجيد قبل أن تخوض عملية المفاوضات
لا تجلس على طاولة المفاوضات وأنت غير مستعد. إن التحضير للمفاوضات يعنى ضرورة معرفة الكثير حول الحقائق المتوفرة سلفًا قدر الإمكان. لذلك ينبغي جمع كافة المعلومات التي تستطيع جمعها وكذلك دراسة كافة البيانات عن قرب. قم بمعرفة المزيد من المعلومات حول الأشخاص الذين سوف تتعامل معهم وكذلك السياق الخاص بالمفاوضات من أجل الوصول إلى الموافقة .
فعلى سبيل المثال قم بطرح الأسئلة الآتية: ما هي الدوافع التي تحرك الطرف الأخر؟ وما هي المصالح والأهداف التي يسعى لتحقيقها؟ وهل هذا الطرف يتمتع بالاستقلالية في اتخاذ القرار أو أنه يتعين عليه مراعاة مصالح رؤسائه وشركائه أو زوجته؟ وهل توجد ظروف دينية أو شخصية أو سياسية يتعين عليك معرفتها؟ فكلما زادت معرفتك، كلما زادت قدرتك على تفهم الطرف الآخر. وهو الأمر الذي يساعد كل منكما على الوصول إلى حل بناء. وعلى العكس فإنه كلما قلت معرفتك، كلما انتهت المفاوضات بالخلاف حول مسائل غير واقعية بناء على انحيازات وتكهنات ومشاعر خاصة.
كذلك لا تقلل من قيمة التفاصيل اللوجستية للمفاوضات. وعلى سبيل المثال: متى وأين سوف يتم عقد هذه المفاوضات؟ هل في مكتبك؟ أم في المنزل؟ أم على أرض محايدة؟ وماذا عن الاجتماع في حد ذاته. كيف له أن يتم؟ هل يتم عن طريق الهاتف أو وجه لوجه أو حتى في حضور مجموعة كبيرة؟. كذلك ما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الوقت؟ هل سيشكل موعد التنفيذ النهائي أي نوع من الضغوط أو هل سيضر هذا الموعد بمصلحة المفاوضات؟ ومن خلال استثمارك للوقت في دراسة هذه التفاصيل والتحضير بشكل كامل للمفاوضات، فإن ذلك سوف يساعدك على خلق مناخ إيجابي، يستطيع كلا الطرفين من خلاله أن يشعروا بالراحة. وهو الأمر الذي يساعد على تحسين فرصك في الحصول على الموافقة وعقد مناقشات بناءة بدلا من المكوث طويلا في نفس الموقف المبدئي.
قم بتحديد خياراتك المتاحة وفهمها قبل البحث عن أية حلول للمشكلة
يتمتع كل طرف من الطرفين المتفاوضين برؤية واضحة حول شكل النتيجة التي يمكن أن تتمخض عنها عملية التفاوض، وبناءً عليه فإنهم يحضرون مسودات عقود على أمل إقناع الطرف الآخر الموافقة عليها. إلا أن مثل هذه الحلول مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالفشل، ذلك لأنها لا تتمتع بالتوازن بطبيعتها وهذا يرجع إلى كونها مبنية على موقف خاص بطرف واحد فقط.
عوضًا عن هذا، فهي نابعة من منظور ضيق للغاية بحيث لا تستطيع تقديم حل واقعي يخدم مصالح الطرفين. بالإضافة إلى أنها تطرح عرض أحادي الجانب على طاولة المفاوضات بحيث لا يتم طرحه للنقاش المفتوح لبحث كافة أنواع الحلول الممكنة و الموافقة فقط على الحل الذي يرضي كلا الطرفين. وعلى سبيل المثال: تخيل قيام شخص بطرح مثل هذا السؤال “من الذي يستحق في اعتقادك أن ينال جائزة نوبل للأدب في العام القادم؟”. وفى الغالب، فإنك لن تقوم على الفور بطرح أي اسم، ولكنك سوف تقوم بتجميع عدد من أسماء المرشحين وتختار واحد منهم عقب تفنيدك لكافة الأسباب التي تساعده على هذا. وهذه هي الطريقة الأفضل التي يتعين عليك إتباعها في بحثك عن النتائج التي يمكن أن تتمخض عنها المفاوضات.
قم بالتفكير في المفاوضات كعملية مكونة من مرحلتين مختلفتين. المرحلة الأولى، وهى المرحلة التي تقوم فيها بتحديد الحلول الممكنة وبعدها يمكنك الموافقة على شيء محدد. كما يتعين عليك عدم الخلط بين كليهما، لذلك قم تنفيذ الخطوات التالية: ابدأ من خلال تحديد المواقف المتطرفة والبحث في العديد من التصورات المختلفة مع مراعاة كافة التفاصيل. كن مبدعًا عن طريق القيام بوضع التصورات على رسومات وعقد جلسات العصف الذهني وكذلك عليك أن تسأل الخبراء وما إلى ذلك. قم بممارسة التفاوض مثل ممارستك لأحد الألعاب التي تحبها حتى يتسنى لك الوقوف على المواقف الأكثر تطرفا. وعلى سبيل المثال، يمكنك طرح الأسئلة الآتية في حال كان الأمر متعلقًا بالسياسة: “ماذا عسى الليبراليون أن يفعلوا؟ كذلك ماذا عسى المحافظين أن يفعلوا؟” وسوف تصل إلى حلول ممكنة بعد القيام بتنفيذ الخطوات سالفة الذكر.
والمرحلة الثانية، هي مناقشة الخطوات السابقة ومحاولة الوقوف على بعضها والتي يمكن الموافقة عليها وقبولها من جانب الطرف الآخر أيضا.
اتخذ قراراتك بناءً على معايير موضوعية واضحة
لا تساعد النوايا الطيبة ولا المقترحات التي تمت صياغتها بشكل كامل على دفع المفاوضات إلى الأمام في مسارها الصحيح. وهو ما يترتب عليه عدم الموافقة من جانب الطرف الآخر، ومن ثمّ التعاطي معها بشكل دفاعي أو هجومي عنيف. لذلك فإنه يتعين عليك أن تجد المعايير الصحيحة التي تؤسس عليها قراراتك، كذلك يجب أن تتسم هذه المعايير بالوضوح والموضوعية بحيث لا يكون هناك مجال للتفسير الخاطئ من أي من الجانبين.
وعلى سبيل المثال، لا يمثل الحصول على سعر عادل للمنزل هو السعر المستهدف سواء بالنسبة للبائع أو للمشتري. ولكن يجب تحديد السعر العادل بناء على بعض الأمور مثل متوسط السعر للمتر المربع وحالة المسكن وكذلك الأسعار الخاصة بالمنازل المشابهة في نفس المنطقة. حيث تعتبر كل هذه المعايير موضوعية وقابلة للاختبار.لذلك فإن كلا الطرفين ينبغي عليهم عند إجراء المفاوضات أن يفصحوا عن معاييرهم الخاصة بتقييم جودة الحل المطروح. وليس من الضروري أن تتطابق معايير كل طرف مع الأخر ولكنها يجب أن تتسم بالموضوعية والقابلية للفهم وإمكانية الوصول إلى الموافقة .
علاوة على هذا فإنه لا ينبغي أبدًا أن تستسلم لممارسة الضغوط أو التهديدات. وفى حال قدم إليك أحدهم سعرًا قائلا “هذا هو عرضي الأخير”، حينها يتعين عليك وببساطة أن تسأل عن المعايير الخفية، وعلى سبيل المثال: “لماذا تعتبر أن هذا سعر عادل؟”. وفى الغالب، فإنه لن يكون هناك أي نوع من المقاييس التي يمكن تجربتها أو محاولة استخدامها ولا معايير ذهبية أو معايير تم استخدامها في السابق ويمكن الاعتماد عليها الآن. وعلى الرغم من هذا، فإنه يتعين عليك أن تحاول باستمرار لإيجاد معايير موضوعية لتأسيس قراراتك عليها.
وعندما يكون من الصعب عليك أن تجد المعايير الصحيحة، فإنه يتعين عليك على الأقل أن تتأكد من صياغة قرارك بشكل سليم لكي تقترب من الموافقة قدر الإمكان. إن هذا الملمح المهم من ملامح المفاوضات يمكن تفهمه حتى في رياض الأطفال والذي يتم فيه تعليم الأطفال مبدأ “أنا أقطع وأنت تختار”. وهي الطريقة التي يتم فيها تقطيع الكعكة بين طفلين، بحيث يقوم الطفل الأول بتقطيع الكعكة ولكن يتعين عليه أن يكون عادلا، ذلك لأن الطفل الثاني يقوم باختيار النصف المفضل له.
قم بالمبالغة في طلب أكثر مما تتوقع الحصول عليه خلال المفاوضات
تمثل هذه القاعدة أهمية كبيرة في أساليب التفاوض الناجحة، وهي قاعدة المطالبة بأكثر مما يتوقع الشخص أن يحصل عليه. فعندما تبدأ مفاوضاتك بهذه المبالغة فربما تتمكن بالفعل من كسب الموافقة على ما تطالب به بالفعل وتهدف للوصول إليه. كذلك فإن هذا المبدأ يعطيك مساحة أوسع في عملية التفاوض، ويدعم ويقوي من قيمة عرضك الذي تقدمه. بالإضافة إلى أنه يمنع الوصول إلى طريق مسدود بين الأطراف الداخلة في التفاوض. وأخيرًا سنجد أن الاعتماد على هذا المبدأ سووف يمنح الطرف الآخر شعورًا بأنه قد حقق انتصارًا أو فوزًا ولو بقد ضئيل، دون أن يخرج من التفاوض وكأنه خاسر فقط.
فعندما يكون هدفك هو طلب أقصى ما هو متوقع، فإن عرضك المبدئي إذا كان مبالغًا فيه، قم بتقديم بعض المرونة وهو ما سوف يشجع الطرف الآخر على التفاوض معك. وكلما كنت على عدم معرفة بالطرف الآخر كلما كان عليك أن تبالغ في مطالبك، لأنك سوف تكسب حينها ثقة هذا الشخص الغريب والذي سيقدم لك تنازلات أكبر وتحص على الموافقة .
لا تقبل أبدًا بأول عرض يتم تقديمه إليك خلال التفاوض
اجعل دائمًا التردد والدهشة هما رد الفعل الذي تعطيه للطرف الآخر على عروضه المقترحة، وعندها سوف تلاحظ أن الطرف الآخر لديه استعداد لتقديم مزيد من التنازلات الجديدة نتيجة لهذا التردد. بينما إذا لم تقم بإظهار شئ من هذا الرفض وعدم الرضى والدهشة، فإن الطرف الآخر لن يكون مرنًا في عروضه، بل سيتوقع أنك مقبل على الموافقة على عروضه التي يقترحها. لذلك فإن القاعدة المهمة في هذا الجانب هي أن ترفض دائمًا العرض الأول الذي يتم اقتراحه خلال عملية المفاوضات.
فعندما تبدي الموافقة على العرض الأول فإن هذا الأمر سوف يثير شكوكًا لدى الطرف الآخر وقد يفترض أن ما كسبه في المفاوضات ما هو إلا خسارة حدثت له. فعندما تطلب من رئيسك في العمل على سبيل المثال، زيادة في المرتب، وتحصل على الموافقة منه بشكل سريع دون رفض أو تردد مبدئي أو دهشة، فعندها لن تشعر بالرضى لأنك سوف تلوم نفسك بسبب عدم طلب المزيد وأنك تستحق أكثر مما حصلت عليه.
إن الأسباب التي قد تدفعك إلى تقبل أول عرض يتم تقديمه إليك في المفاوضات، هي أن يكون لديك بشكل مسبق عدة أفكار وتصورات للمكاسب التي يمكنك الحصول عليها. وبالتالي عندما يكون العرض الأول الذي تم تقديمه إليك اكبر مما توقعته وتصورته بشكل سابق، فإنك سوف تتقبله وتقع تحت إغرائه بشكل مباشر وسريع. لذلك عليك أن تتعلم عدم الوقوع تحت هذا النوع من الإغراء من خلال عدم بناء تصورات وتوقعات مسبقة تعيق قدرتك على إبداء الدهشة وعدم الموافقة على العرض المقترح بشكل مبدئي.

m2pack.biz